شبهات حول الآية :
١ ـ وقد يقال : ان الإرادة ـ كما يقسمها علماء الأصول ـ إرادتان : تكوينية وتشريعية ، وهي وإن كانت من حيث استحالة تخلف المراد عنها واحدة ، إلا انها تختلف بالنسبة إلى المتعلق ، فإن كان متعلقها خصوص الأمور الواقعية من أفعال المكلفين وغيرها سميت تكوينية ، وان كان متعلقها الأمور المجعولة على أفعال المكلفين من قبل المشرع سميت إرادة تشريعية.
والإرادة هنا لا ترتبط بالإرادة التكوينية لأن متعلقها الأحكام الواردة على أفعالهم ، فكأن الآية تقول : «إنما شرعنا لكم الأحكام يا أهل البيت لنذهب بها الرجس عنكم ولنطهركم بها تطهيرا».
ولكن تفسير الإرادة هنا بالإرادة التشريعية يتنافى مع نصّ الآية بالحصر المستفاد من كلمة (إنما) إذ لا خصوصية لأهل البيت في تشريع الأحكام لهم ، وليست لهم أحكام مستقلة عن أحكام بقية المكلفين ، والغاية من تشريعه للأحكام إذهاب الرجس عن الجميع ، لا عن خصوص أهل البيت عليهمالسلام على أن حملها على الإرادة التشريعية يتنافى مع اهتمام النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بأهل البيت وتطبيق الآية عليهم بالخصوص ، كما يأتي ذلك فيما بعد.
٢ ـ وقد يقال أيضا : ان حملها على الإرادة التكوينية وإن دل على معنى العصمة فيهم لاستحالة تخلف المراد عن إرادته تعالى ، إلا ان ذلك يجرنا إلى الالتزام بالجبر وسلبهم الإرادة فيما يصدر عنهم من أفعال ما دامت الإرادة التكوينية هي المتحكمة في جميع تصرفاتهم ، ونتيجة ذلك حتما حرمانهم من الثواب ، لأنه وليد إرادة العبد ، كما تقتضيه نظرية التحسين والتقبيح العقليين ، وهذا ما لا يمكن ان يلتزم به مدّعو الإمامة لأهل البيت عليهمالسلام.
والجواب على هذه الشبهة يجرنا إلى الحديث حول نظرية الجبر والاختيار عند