مصيره يوم القيامة بمصير من تولاه ، فيكون مساقها أشبه بمساق الآية الأخرى (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ)(١) ، وحينئذ تكون أجنبية عن مفاد جعل الحجية للإجماع.
وأظن أننا بهذا المقدار نكتفي عن مناقشة المراد من كلمة : غير والألف واللام في المؤمنين ، وغير ذلك مما ذكروه في مناقشة هذه الآية وأكثرها غير تام (٢).
الثانية : قوله تعالى : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ)(٣) ، بتقريب : «ان الوسط هو العدل والخيار ، والعدل والخيار لا يصدر عنه إلا الحق ، والإجماع صادر عن هذه الأمة العدول الخيار فليكن حقا» (٤).
وهذه الدلالة لو تمت للآية ، فهي لا تزيد على أكثر من إثبات العدالة لهم لا العصمة ، والّذي ينفع في المقام إنما هو إثبات العصمة لهم لا العدالة ، ليتم حكايتها عن الحكم الواقعي.
إذا العدل لا يمتنع صدور غير الحق منه ، ولو فرض فانما «يلزم صدور الحق منه بطريق الظاهر فيما طريقه الصدق والكذب ، وهو نقل الأخبار وأداء الشهادات ، أما فيما طريقه الخطأ والصواب في استخراج الأحكام والاجتهاد فيها فلا» (٥).
الآية الثالثة : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ)(٦) وقد قربت دلالتها بما نقله الشيخ الطوسي في تقريبها ، يقول في
__________________
(١) سورة الإسراء : الآية ٧١.
(٢) راجع الطوفي في مناقشاته لها : ص ١٠٠ وما بعدها من رسالته المنشورة في مصادر التشريع الإسلامي ، والشيخ الطوسي في العدة : ص ٢٣٤ وما بعدها.
(٣) سورة البقرة : الآية ٢٤٣.
(٤) الطوفي في رسالته السابقة : ص ١٠٣.
(٥) المصدر السابق.
(٦) سورة آل عمران : الآية ١١٠.