الرسول ، لأنه لو لم يكن محرما لما جمع في الوعيد بينه وبين المحرم الّذي هو مشاقة الرسول عليه الصّلاة والسّلام ، فإنه لا يحسن الجمع بين حلال وحرام في الوعيد ، وإذا حرم اتباع غير سبيل المؤمنين وجب اتباع سبيلهم ، إذ لا واسطة بينهما ، ويلزم من اتباع سبيلهم ان يكون الإجماع حجة لأن سبيل الشخص هو ما يختاره من القول أو الفعل أو الاعتقاد» (١).
ويرد على هذا التقريب :
أ ـ إن ظهور تعدد الشرط مع وحدة الجزاء اشتراكهما في علة التحريم ، ولازمه ان اتباع غير سبيل المؤمنين من دون مشاقة للرسول لا يدل على الحرمة فلا يتم المطلوب ، وقد استظهر الغزالي ما يقرب من هذا المعنى من مساق الآية ، وبعّد لذلك دلالتها على الإجماع ، يقول : «والظاهر ان المراد بها أن من يقاتل الرسول ويشاقه ويتبع غير سبيل المؤمنين في مشايعته ونصرته ودفع الأعداء عنه ، نوله ما تولى ، فكأنه لم يكتف بترك المشاقة ، حتى تنضم إليه متابعة سبيل المؤمنين في نصرته والذب عنه والانقياد له فيما يأمر وينهى ، وهذا هو الظاهر السابق إلى الفهم» (٢).
ب ـ وفي عقيدتي أن الآية لا يمكن أن تحمل على إرادة الإجماع منها لما فيها من كلمة (نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى) إذ لا معنى للقول : بأن من يتبع غير ما أجمعوا عليه من الأحكام نجعل ما اتبعه من الحكم غير المجمع عليه واليا عليه يوم القيامة ، وأي معنى لمثل هذا النوع من الكلام؟
والظاهر ان مضمون الآية : أن من يشاقق الرسول ويخالف المؤمنين في اتباعه ، ويتبع غيره من رؤساء الأديان والنحل الأخرى ، نوله ما تولى ، أي أننا نربط
__________________
(١) سلم الوصول : ص ٢٧٢. والظاهر أن هذا التقريب لصاحب نهاية السئول وان لم يقوّسه كما يوحي إرجاعه في الهامش إليه.
(٢) أصول الفقه للخضري : ص ٢٧٩ نقلا عنه.