«فانتفاء الدليل على العصمة».
و «وقوع الاختلاف بينهم».
«وتصريحهم بجواز مخالفتهم فيه».
«ثلاثة أدلة قاطعة» (١).
وقد سبق أن عرضنا هذا الدليل بالذات في مبحث «سنّة الصحابة» ، وقرّبنا أن يكون لا مدفع له في نفي العصمة عنهم.
ولكن الّذي يجب أن يقال : ان القائلين بمذهب الصحابي لا يريدون إثبات العصمة له وإلا لاعتبروه سنّة ، كما اعتبره الشاطبي وإن كان عدّه من مصادر التشريع يوهم ذلك.
وربما عكس وجهة نظرهم من قال : «إنه إذا قال الصحابي قولا يخالف القياس فلا محمل له إلا سماع خبر فيه» (٢). فهم لا يريدون أكثر من حمل تصرفاتهم على وجه مبرر ، أي أنهم يريدون أن يقولوا أن الصحابة لا يقدمون على المخالفة الصريحة لحكم الشارع ، فإذا عمل أحدهم عملا ولم يتبين وجهه ، فلا بد وأن يكون هناك مستند لهذا العمل ، فإن لم يكن قياسا لفرض المسألة أن القول مخالف للقياس فخبر نجهله.
ولكن المسألة في حدود التماس المبررات الشرعية لتصرفات بعضهم ليست موضعا لحاجتنا ـ كمجتهدين ـ فإذا أريد من وراء هذا الكلام اعتبار مثل هذا الخبر المجهول لدينا حجة فقد صحّ ما يقوله الغزالي في نقضه : «فقوله ـ يعني الصحابي ـ ليس بنص صريح في سماع خبر ، بل ربما قال عن دليل ضعيف ظنه دليلا وأخطأ فيه ، والخطأ جائز عليه ، وربما يتمسك الصحابي بدليل ضعيف.
__________________
(١) المستصفى : ١ ـ ١٣٥.
(٢) المصدر السابق : ١ ـ ١٣٦.