وعلى هذا فان كلمة الإمام الصادق عليهالسلام لم توجه إلا إلى أولئك الكذابين من أذناب الحكام فقهاء ومحدثين ممن يستسيغون الكذب والدس مراعاة لعواطفهم وميولهم السياسية وغيرها.
ووجود حديثين لا تعرّض للكتاب لمضمونهما أحدهما موافق للعامة وهم ممن يستسيغون الكذب على المعصوم ، والآخر مخالف لهم لا بد وان يكون الموافق هو الّذي يستحق وضع علامات الاستفهام عليه.
على ان الإمام ربما صدرت عنه فتاوى توافق ما انتشر عند العامة ، ومبعثها على الأكثر ان الإمام كان يجيب السائل على وفق ما يدين به ، فيقول له : انهم يرون في العراق كذا وفي الحجاز كذا ، ونقول نحن كذا ، وللسائل ان يختار ما يدين به وربما نقل السائل ما يختاره عن الإمام كفتوى له ، بينما تكون فتوى الإمام ـ ان صح تسميتها فتوى ـ على خلافها ، فتتكون لدى الآخرين فتويان متعاكستان عنه ، وبهذا صح جعل المقياس من قبله بأن ما وافق العامة مما نقل عنه هو الّذي يجب طرحه عند المعارضة.
والخلاصة : ان مرجحات باب التعارض من وجهة مضمونية هي : موافقة الكتاب أولا ـ سواء وافقت هذه الروايات ما عند العامة أم خالفتها ـ ومخالفة العامة ثانية.
وإذا لم تتوفر هذه المرجحات كلا أو بعضا فالمرجع التساقط كما هو مقتضى القاعدة لدوران الأمر بين الحجة واللاحجة فيهما أو التخيير على قول ، ولم نعرف من الفقهاء من عمل به ، ورواياته ليست وافية الدلالة كما ذهب إلى ذلك بعض أساتذتنا.
هذا كله في الاختلاف في الأدلة اللفظية.