ومجرد بناء العقلاء لا يعطيه هذه الصفة ما لم يتم إمضاؤه من قبله.
وشأنه في ذلك شأن جميع ما يصدرون عنه من عادات وتقاليد وأعراف ، والسر في ذلك ان القطع بصحة الاحتجاج به على الشارع لا يتم الا إذا تم تبنّيه من قبله وعلم ذلك منه ، وكل حجة لا تنتهي إلى القطع بصحة الاحتجاج بها فهي ليست بحجة ، كما سبق بيان ذلك مفصلا.
هذا إذا أعطينا هذه الأصول صفة الأمارية ، اما إذا جردناها منها واعتبرناها وظائف عقلائية ـ جعلوها عند الشك لينتظم سلوكهم في الحياة ـ فأمرها أوضح ، لعدم حكايتها عن أي واقع ليعتبر ما تحكي عنه من قبيل التشريع.
والاعتماد عليها كوظائف لا يتم إلا إذا تم تبني الشارع لها بالإمضاء أيضا لنفس السبب السابق.
وعلى هذا فحجية هذه الأصول وأمثالها موقوفة على إمضاء الشارع لها بقوله أو فعله أو تقريره ، وكون هذا الإمضاء حجة ، أي موقوفة على حجية السنة ، فلو كانت حجية السنة موقوفة عليها كما هو الفرض لزم الدور. لبداهة ان حجية الإقرار من قبله صلىاللهعليهوآلهوسلم مثلا موقوفة على حجية أصالة عدم الخطأ أو أصالة الصحة أو أصالة عدم الغفلة أو السهو ، وحجية هذه الأصول موقوفة على حجية إقراره لها لو كان هناك إقرار ، ومع إسقاط المتكرر ينتج ان حجية إقراره موقوفة على حجية إقراره.
والحقيقة ان القول بحجية السنة بشكلها الواسع لا يلتئم مع إنكار العصمة أو بعض شئونها بحال.
وليس المهم بعد ذلك ان ندخل في شئون العصمة وأدلتها ، فإن ذلك من بحوث علم الكلام.
والكلمات بعد ذلك مختلفة ومشتّتة ، والتأمل فيما عرضناه يكشف فيما نعتقد وجه