لانكشاف الخطأ فيه.
والقائلون بالتصويب الثاني لا بد وان يلتزموا بالإجزاء أيضا لتصريحهم بأن كل مجتهد مصيب وان أخطأ الواقع ، وفي حدود ما وجهنا به كلامهم السابق لا يبقى ـ بعد حصول الاجتهاد وخلق حكم على وفقه ـ مجال للحكم الواقعي لمزاحمته دائما بالحكم الجديد وتغلبه عليه. وتبدل الاجتهاد لديهم يكون كسابقه من قبيل تبدل الموضوع ، لا من قبيل انكشاف الخطأ فيه.
أما على رأي الشيخ الأنصاري قدس سرّه من الالتزام بالتخطئة والمصلحة السلوكية ، فالذي يقتضيه الالتزام به هو القول بعدم الإجزاء لاعترافه بأن المصلحة السلوكية لم تصنع شيئا أكثر من تعويض المكلف عما يفوته من المصلحة بسبب سلوك ما جعله الشارع له من الطرق والأمارات.
اما الواقع فهو على حاله غير مزاحم بشيء نهائيا ، ومع خطأ الطريق الاجتهادي لم يفت المكلف أكثر من مصلحة الوقت في الموقتات مثلا ، وقد عوض عنها بالمصلحة السلوكية.
ولكن مصلحة الواقع ـ مع إمكان تداركها ـ باقية لم يفت منها على شيء ، وعليه الإتيان بها على كل حال.
ومن هنا تتضح القاعدة على رأي المخطئة ، إذ مع التزامهم بوجود الأحكام الواقعية وانكشاف خطأ الاجتهاد الأول وعدم تنازل الشارع عن حكمه لعدم جعله في الطرق والأمارات والأصول أكثر من الطريقية أو الحجية ، وهي لا تفيد غير المنجزية عند المصادفة للواقع والمعذرية عند عدمها. ومع هذا الفرض فلا بدّ من القول بعدم الاجزاء.
هذا كله من حيث القاعدة ، وهي لا تفرق بين المقامين : مقام العمل والإفتاء ، ومقام القضاء وفض الخصومة ، كما لا تفرق بين الأحكام الوضعيّة والتكليفية.