والّذي يناسب هذا المبنى من التعاريف ما ذكره الشيخ عنهم : «من أن الاستصحاب هو : كون الحكم متيقنا في الآن السابق ، مشكوك البقاء في الآن اللاحق» (١) ، «فان كون الحكم متيقنا في الآن السابق أمارة على بقائه ومفيدة للظن النوعيّ» (٢).
والّذي عليه أكثر متأخري الأصوليين انه من قبيل الأصول لا الأمارات ، وان كان يختلف عنها من بعض الجهات ، والّذي يناسبه من التعاريف ما ذكره الأستاذ خلاف من انه «استبقاء الحكم الّذي ثبت بدليل في الماضي قائما في الحال حتى يوجد دليل يغيره» (٣) وان كان في هذا التعريف شيء من الضيق لقصره التعريف على الاستصحابات الحكمية مع ان مفهومه يتسع لها ، وللاستصحابات الموضوعية كما يأتي إيضاح ذلك ، وتعريف صاحب الكفاية أقرب منه إلى الفن لهذا السبب.
فكلمة الاستبقاء وكلمة الحكم تعطي للاستصحاب مضمون الوظيفة لا الكشف عن الواقع.
وفي رأي بعض أساتذتنا ان تعريف الاستصحاب يجب ان ينتزع عن مدلول أدلته لأن الّذي يكون موضع حاجتنا هو خصوص ما قامت عليه الأدلة ، وليس في الأدلة كلمة استبقاء أو حكم وانما فيها «حرمة نقض اليقين بالشك من حيث العمل ، والحكم ببقاء اليقين من حيث العمل في ظرف الشك ، فالصحيح في تعريفه على هذا المسلك ان يقال : ان الاستصحاب هو حكم الشارع ببقاء اليقين في ظرف الشك من حيث الجري العملي» (٤).
ولعل وجهة نظر من يقول باستبقاء الحكم أو الحكم ببقاء الحكم هو الأخذ
__________________
(١) فرائد الأصول : ٢ ـ ٥٤١.
(٢) مصباح الأصول : ص ٥.
(٣) مصادر التشريع : ص ١٢٧.
(٤) مصباح الأصول : ص ٦.