والعمومات المجموعية نادرة فلا يصار إليها إلا بدليل.
والّذي أتصوره أن الطريقة السائدة في عصورنا من الهجرة إلى مراكز التفقه كالنجف الأشرف ، وقم ، والقاهرة من بعض من يسكنون بعيدا عنها ، ثم العودة إلى بلادهم ليعلموا إخوانهم أحكام دينهم هي نفس الطريقة التي دأبوا عليها في عصر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ودعت إليها الآية.
وليس في هذه الطريقة اجتماع المبلغين والمرشدين في مقام الأداء ليكوّنوا لمستمعيهم مقدار ما يتحقّق به التواتر ، بل يكتفون بالواحد الموثوق به منهم ، فالآية على هذا واردة في مقام جعل الحجة لأخبار آحاد الطائفة ، وإن شئت ان تقول انها واردة لإمضاء بناء عقلائي في ذلك كسابقتها.
وإذا صحت هذه الاستفادة لم تبق حاجة بعد إلى استعراض ما يراد من كلمة (لعل) في الآية ، أو كلمة (الحذر) فيها ، لعدم توقف دلالة الآية عليها ، ويكفي في الإلزام بالرجوع إليهم لأخذ الأحكام تشريع ذلك ، وان كان بلسان الترخيص ، ومن لوازم الترخيص في مثله جعل الحجية لما يحدثون به فلا يسوغ تجاهلها مع قيامها بداهة.
واحتمال ان يراد بالطائفة ما يبلغ به حد التواتر على أن يجتمع الكل لتبليغ كل واحد منهم احتمال يأباه ظاهر الآية وكيفية الاستفادة من نظائرها ، كما يأباه الواقع العملي لما درج عليه المبلغون في جميع العهود بما فيها عهد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم على أن لفظ طائفة أوسع منه فتضييقها إلى ما يخصه بالخصوص لا ملجأ له ولا شاهد عليه.
وبهذا يتضح واقع ما أثاره الآمدي وغيره من التشكيكات حول دلالة الآية على حجية خبر الواحد (١) ، فلا حاجة إلى الدخول في تفصيلاته.
__________________
(١) راجع : ما كتبه الآمدي : ١ ـ ١٧١ من الأحكام وما ورد في الكفاية وشروحها ورسائل الشيخ حول