بالمثل ، فتدبّر وتأمّل (١).
وأمّا الرواية فقد أجاب عنها في الذخيرة بأنّ لمفهومها احتمالين : أحدهما : إناطة الوجوب بحالة يثبت له البلوغ خمسة أوساق حال كونه زبيباً. وثانيهما : إناطته بحالة يقدّر له هذا الوصف. والاستدلال بها إنّما يستقيم على ظهور الثاني وهو في معرض المنع. بل لا يبعد ادّعاء ظهور الأوّل ؛ إذ اعتبار التقدير خلاف الظاهر ، ولا يرجّح الثاني زوال وصف العنبيّة عند كونه زبيباً ، لأنّ مثله شائع إلى أن قال ـ : على أنّه يجوز أن يكون إسناد الحكم إلى العنب من قبيل المساهلة في التعبير باعتبار ما يؤول إليه ، كما في الإسناد إلى النخل في الخبر الأوّل ، فلا يبعد المصير إليه جمعاً بين الأدلّة ، انتهى (٢). وهو حسن.
وممّا ذكره وجهاً لظهور المعنى الأوّل ينقدح وجهٌ للاستدلال للقول الأوّل بالنصوص الدالة على اعتبار النصاب في الغلاّت ، وأنّه لا شيء فيها حتى تكون وتبلغ خمسة أوساق.
وذلك لأنّ مفادها أنّ مناط الوجوب حين البلوغ خمسة أوساق ، وهو حقيقة في التحقيقي لا التقديري ، كما ذكره ، وقد مرّ أنّ بلوغ النصاب إنّما يعتبر عند الجفاف إجماعاً (٣) ، وليس فيها ما في هذه الرواية مما توجب المعارضة ويحوج إلى الجمع ، بل فيها ما يؤكّد الظهور من نحو لفظ التمر
__________________
(١) وجهه : أنّ ما دلّ على نفي الزكاة في الحِصْرِم إنّما هو الأصل والحصر ، وهما بالإضافة إلى ما دَلَّ على وجوبها في نحو البُسر عامان وهو خاص فيكون مقدماً عليهما ، وبعبارة اخرى إنه يجب تقدم المثبِت على النافي حيثما تعارضا. منه رحمهالله.
(٢) الذخيرة : ٤٢٨.
(٣) في ص : ٢٣٣٥.