و «حسابيه» و «سلطانيه» و «ماليه» ، للسكت ، وكان حقّها أن تحذف وصلا وتثبت وقفا ، وإنما أجري الوصل مجرى الوقف ، أو وصل بنية الوقف في «كتابيه» و «حسابيه» اتفاقا ، فأثبت «الهاء».
وكذلك في «ماليه» و «سلطانيه» و (ما هِيَهْ) [القارعة : ١٠] في القارعة ، عند القرّاء كلهم إلا حمزة ، فإنه حذف الهاء من هذه الكلم الثلاث وصلا ، وأثبتها وقفا ؛ لأنها في الوقف يحتاج إليها ؛ لتحصين حركة الموقوف عليه ، وفي الوصل يستغنى عنها.
فإن قيل : فلم لم يفعل ذلك في «كتابيه» و «حسابيه»؟.
فالجواب : أنه جمع بين اللغتين ، هذا في القراءات السبع (١).
وقرأ ابن محيصن (٢) : بحذفها في الكلم كلّها وصلا ووقفا إلا في «القارعة» ، فإنه لم يتحقق عنه فيها نقل.
وقرأ الأعمش ، وابن أبي إسحاق (٣) : بحذفها فيهن وصلا ، وإثباتها وقفا.
وابن محيصن : يسكن الهاء في الكلم المذكورة بغيرها.
والحق أنها قراءة صحيحة ، أعني ثبوت هاء السكت وصلا ؛ لثبوتها في خط المصحف الكريم ، ولا يلتفت إلى قول الزهراوي أن إثباتها في الوصل لحن لا أعلم أحدا يجيزه. وقد تقدم الكلام على هاء السكت في البقرة والأنعام.
قوله : (إِنِّي ظَنَنْتُ).
قال ابن عباس : أي : أيقنت وعلمت (٤).
وقيل : ظننت أن يؤاخذني الله بسيئاتي إن عذبني فقد تفضّل علي بعفوه ، ولم يؤاخذني بها.
قال الضحاك : كل ظن من المؤمن في القرآن فهو يقين ، ومن الكافر فهو شك.
وقال مجاهد : ظنّ الآخرة يقين وظنّ الدنيا شكّ (٥).
وقال الحسن في هذه الآية : إنّ المؤمن من أحسن الظّن بربّه فأحسن العمل ، وإن المنافق أساء الظن بربه ، فأساء العمل (٦).
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٦ / ٣٦٦.
(٢) ينظر : الكشاف ٤ / ٦٠٣ ، والمحرر الوجيز ٥ / ٣٦٠ ، والبحر المحيط ٨ / ٣١٩.
(٣) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٣٦٠ ، والبحر المحيط ٨ / ٣١٩ ، والدر المصون ٦ / ٣٦٦.
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ١٢٧) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (١٦ / ١٤٠).
(٥) أخرجه الطبري (١٢ / ١٢٧) عن قتادة بمعناه وذكره الماوردي في «تفسيره» (٦ / ٨٣) والقرطبي (١٨ / ١٧٥) عن مجاهد.
(٦) ذكره الماوردي في «تفسيره» (٦ / ٨٣) والقرطبي (١٨ / ١٧٥).