قوله : (وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ).
قيل : «العهن» هو الصّوف مطلقا ، وقيل : يقدر كونه أحمر وهو أضعف الصوف ؛ ومنه قول زهير : [الطويل]
٤٨٦٠ ـ كأنّ فتات العهن في كلّ منزل |
|
يزال به حبّ الفنا لم يحطّم (١) |
الفتات : القطع ، والعهن : الصّوف الأحمر ، واحده عهنة.
وقيل : يقيد كونه مصبوغا ألوانا ، وهذا أليق بالتشبيه ؛ لأن الجبال متلونة ، كما قال تعالى: (جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ) [فاطر : ٢٧].
والمعنى : أنها تلين بعد شدة ، وتتفرق بعد الاجتماع.
وقيل : أول ما تتفرق الجبال تصير رمالا ثم عهنا منفوشا ، ثم هباء منثورا.
قوله : (وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً).
قرأ العامة : «يسأل» مبنيا للفاعل ، والمفعول الثاني محذوف ، فقيل : تقديره : لا يسأله نصره ، ولا شفاعته لعلمه أنّ ذلك مفقود.
وقيل : لا يسأله شيئا من حمل أو زاد.
وقيل : «حميما» منصوب على إسقاط الخافض ، أي : عن حميم ، لشغله عنه. قاله قتادة. لقوله تعالى : (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) [عبس : ٣٧].
وقرأ أبو (٢) جعفر ، وأبو حيوة ، وشيبة ، وابن كثير في رواية قال القرطبيّ (٣) : والبزي عن عاصم : «يسأل» مبنيا للمفعول.
فقيل : «حميما» مفعول ثان لا على إسقاط حرف ، والمعنى : لا يسأل إحضاره.
وقيل : بل هو على إسقاط «عن» ، أي : عن حميم ، ولا ذو قرابة عن قرابته ، بل كل إنسان يسأل عن عمله ، نظيره : (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) [المدثر : ٣٨].
قوله : (يُبَصَّرُونَهُمْ) عدي بالتضعيف إلى ثان ، وقام الأول مقام الفاعل ، وفي محل هذه الجملة وجهان :
أحدهما : أنها في موضع الصفة ل «حميم».
والثاني : أنها مستأنفة.
__________________
(١) ينظر : القرطبي ١٨ / ١٨٥.
(٢) ينظر : السبعة ٦٥٠ ، والحجة ٦ / ٣٢٠ ، والبحر المحيط ٦ / ٣٢٦ ، والمحرر الوجيز ٥ / ٣٦٦ ، والدر المصون ٦ / ٣٧٦.
(٣) الجامع لأحكام القرآن ١٨ / ١٦٥.