قال أبو حيّان (١) : لعل هذا التخريج لا يصح عن ابن عباس ، لأن فيه إضمار الجار ، ولا يجيزه البصريون إلّا مع لفظ الجلالة المعظمة خاصة ، ولأن الجملة المنفية في جواب القسم إذا كانت اسمية فإنما تنفى ب «ما» ، وحدها ، فلا تنفى ب «لا» إلا الجملة المصدرة بمضارع كثيرا ، أو بماض في معناه قليلا.
نحو قول الشاعر : [البسيط]
٤٩٢٧ ـ ردوا فو الله لا زرناكم أبدا |
|
ما دام في مائنا ورد لورّاد (٢) |
والزمخشري أورد ذلك على سبيل التجويز ، والتسليم ، والذي ذكره النحويون هو نفيها ب «ما» ؛ كقوله : [الطويل]
٤٩٢٨ ـ لعمرك ما سعد بخلّة آثم |
|
ولا نأنإ يوم الحفاظ ولا حصر (٣) |
قال شهاب الدين (٤) : «قد أطلق ابن مالك أن الجملة المنفية سواء كانت اسمية ، أم فعلية تنفى ب «ما» ، أو «لا» ، أو «إن» بمعنى : «ما» ، وهذا هو الظاهر».
وباقي السبعة : ترفعه ، على الابتداء وخبره الجملة من قوله (لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) ، أو على خبر ابتداء مضمر ، أي : «هو ربّ» ، وهذا أحسن لارتباط الكلام بعضه ببعض.
وقرأ زيد (٥) بن علي : «ربّ» بالنصب على المدح.
وقرأ العامة : «المشرق والمغرب» موحدين.
وعبد الله وابن عباس : (الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ)(٦).
ويجوز أن ينصب «ربّ» في قراءة زيد من وجهين :
أحدهما : أنه بدل من (اسْمَ رَبِّكَ) ، أو بيان له ، أو نعت له ، قاله أبو البقاء ، وهذا يجيء على أن الاسم هو المسمى.
والثاني : أنه منصوب على الاشتغال بفعل مقدر ، أي : فاتخذ ربّ المشرق فاتخذه ، وما بينهما اعتراض.
والمعنى : أن من علم أنه رب المشارق ، والمغارب انقطع بعمله إليه «واتخذه (وَكِيلاً) ، أي : قائما وقيل : كفيلا بما وعدك.
__________________
(١) البحر المحيط ٨ / ٣٦٤.
(٢) ينظر : الهمع ٢ / ٤١ ، والبحر ٨ / ٣٥٦ ، والدر المصون ٦ / ٤٠٦.
(٣) البيت لامرىء القيس. ينظر : ديوانه (٧٤) ، والبحر ٨ / ٣٥٧ ، والدر المصون ٦ / ٤٠٦.
(٤) الدر المصون ٦ / ٤٠٦.
(٥) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٣٥٥ ، والدر المصون ٦ / ٤٠٦.
(٦) ينظر : الكشاف ٤ / ٦٤٠ ، والمحرر الوجيز ٥ / ٣٥٥ ، والبحر المحيط ٨ / ٣٥٥.