و «نذيرا» على هذا نصب على الحال ، أي ب (وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً) منذرا بذلك البشر.
الثاني عشر : أنّه منصوب ب «نادى ، أو ببلّغ» إذ المراد به الرسول صلىاللهعليهوسلم.
الثالث عشر : أنّه منصوب بما دلّت عليه الجملة ، تقديره : عظمت نذيرا.
الرابع عشر : هو حال من الضمير في «الكبر».
الخامس عشر : أنّها حال من «هو» في قوله (وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ).
السادس عشر : أنّها مفعول من أجله ، النّاصب لها ما في «الكبر» من معنى الفعل.
قال أبو البقاء : «إنّها لإحدى الكبر لإنذار البشر». فظاهر هذا أنه مفعول من أجله.
واعلم أنّ النصب : قراءة العامّة.
وقرأ أبي بن كعب (١) ، وابن أبي عبلة : بالرفع.
فإن كان المراد النار جاز فيه وجهان :
أن يكون خبرا بعد خبر ، وأن يكون خبر مبتدإ مضمر ، أي : هي نذير ، والتذكر ـ لما تقدم ـ من معنى النّسب. وإن كان الباري تعالى أو رسوله صلىاللهعليهوسلم كان على خبر مبتدإ مضمر ، أي: هو نذير.
و «للبشر» : إما صفة ، وإما مفعول ل «نذير» واللام مزيدة لتقوية العامل.
قوله : (لِمَنْ شاءَ) ، فيه وجهان :
أحدهما : أنه بدل من البشر بإعادة العامل كقوله : (لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ) [الزخرف : ٣٣] ، و (لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ) [الأعراف : ٧٥] ، وأن يتقدم مفعول «شاء» أي : نذيرا لمن شاء التقدم أو التأخر ، وفيه ذكر مفعول «شاء» وقد تقدم أنه لا يذكر إلا إذا كان فيه غرابة.
الثاني : وبه بدأ الزمخشري : أن يكون «لمن شاء» خبرا مقدما ، و «أن يتقدم» مبتدأ مؤخر.
قال : كقولك : لمن توضّأ أن يصلي ، ومعناه : مطلق لمن شاء التقدم أو التأخر أن يتقدم ، أو يتأخر انتهى.
فقوله : «التقدم أو التأخر» وهو مفعول «شاء» المقدر.
قال أبو حيّان رحمهالله : قوله : (أَنْ يَتَقَدَّمَ) هو المبتدأ معنى لا يتبادر إلى الذهن ، وفيه حذف.
قال القرطبي (٢) : اللام في (لِمَنْ شاءَ) متعلقة ب «النذير» ، أي : نذيرا لمن شاء منكم
__________________
(١) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٣٩٨ ، والبحر المحيط ٨ / ٣٧٠ ، والدر المصون ٦ / ٤٢٠.
(٢) الجامع لأحكام القرآن ١٩ / ٥٦.