قوله : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) أي : لا أحد أظلم ممن افترى على الله الكذب.
قوله : (وَهُوَ يُدْعى إِلَى الْإِسْلامِ).
جملة حالية من فاعل : «افترى» ، وهذه قراءة العامة (١).
وقرأ طلحة (٢) : «يدّعي» ـ بفتح الياء والدال مشددة ـ مبنيا للفاعل.
وفيها تأويلان (٣) :
أحدهما : قاله الزمخشري ، وهو أن يكون «يفتعل» بمعنى : «يفعل» نحو : «لمسه والتمسه» (٤).
والضميران ، أعني : «هو» ، والمستتر في : «يدعى» لله تعالى ، وحينئذ تكون القراءتان بمعنى واحد ، كأنه قيل : والله يدعو إلى الإسلام.
وفي القراءة الأولى يكون الضّميران عائدين على «من».
والثاني : أنه من ادّعى كذا دعوى ، ولكنه لما ضمن يدّعي معنى ينتمي وينتسب عدّي باللام ، وإلا فهو متعدّ بنفسه.
وعلى هذا الوجه فالضميران ل «من» أيضا ، كما هما في القراءة المشهورة.
وعن طلحة : «يدّعى» (٥) ـ مشدد الدال ـ مبنيا للمفعول.
وخرجها الزمخشري على ما تقدم من : ادّعاه ودعاه بمعنى : لمسه والتمسه.
والضميران عائدان على «من» عكس ما تقدم عنده في تخريج القراءة الأولى ، فإن الضميران لله ، كما تقدم تحريره.
وهذا تعجب ممن كفر بعيسى ومحمد صلىاللهعليهوسلم بعد المعجزات التي ظهرت لهما (٦) ، ثم قال : (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) أي : من كان في حكمه أن يختم له بالضلالة والغي (٧).
قوله : (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ).
الإطفاء هو الإخماد ، يستعملان في النار ، وفيما يجري مجراها من الضياء والظهور ، ويفترق الإخماد والإطفاء من حيث إن الإطفاء يستعمل في القليل ، فيقال : أطفأت السراج ، ولا يقال : أخمدت السراج (٨).
__________________
(١) ينظر السابق.
(٢) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٣٠٣ ، والبحر المحيط ٨ / ٢٥٩ ، والدر المصون ٦ / ٣١١.
(٣) الدر المصون ٦ / ٣١١.
(٤) ينظر : الكشاف ٤ / ٥٢٥.
(٥) ينظر : الكشاف ٤ / ٥٢٥ ، والمحرر الوجيز ٥ / ٣٠٣ ، والبحر المحيط ٨ / ٢٥٩ ، والدر المصون ٦ / ٣١١.
(٦) ينظر : القرطبي ١٨ / ٥٦.
(٧) السابق.
(٨) السابق نفسه.