إيصال الأحكام لأنه لا تصل إلى كل فرد فرد من دون واسطة فيض لعدم توفر القابليات عند بني البشر حتى يتلقوا الأحكام مباشرة من الله تعالى ، لذا اقتضت الحكمة وجود وسيط إليه أو سفير رباني يكون نافذة اللطف الإلهي عليهم فيخبرهم ما يتوجب عليهم من أحكام وسنن ، والعقل يفرض حينئذ وجوب إطاعته وحرمة معصيته ، ولا تنحصر طاعتهم ببيان الأحكام بل تتعدى إلى أوامرهم الشخصية التي ترجع إلى جهات أشخاصهم كوجوب إطاعة الولد لأبيه ، بل إنّ إطاعة الأنبياء والأوصياء عليهمالسلام أوجب من إطاعة الأب ، وذلك لأنّ إطاعة الأب ليست بواجبة في جميع الأمور إلّا في الجملة ، إذ ربما يأمر الأب ولده بالمعصية ، وعلى تفصيل في المباحات ، وهذا بخلاف الأنبياء حيث طاعتهم مطلقة لأنهم لا يأمرون إلّا بما فيه سعادة الإنسان في الدارين ، بل هم بالعباد أرأف من الأم الحنون على ولدها ، قال تعالى : (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) (التوبة / ١٢٨) والمناط الذي من أجله وجبت طاعة الأب هي مبادلته الإحسان لإحسانه على الولد لخروجه من صلبه وبالحفاظ عليه والسهر على مصالحه ، فإن هذا المناط يقتضي أن يجري بعينه وبطريق الأولوية إلى مقام النبوة والإمامة باعتبار كون الحق بهما أعظم بمراتب ، لأنّ الأب أوجب الحياة الجسدية ، والأولياء عليهمالسلام أوجبوا الحياة الأبدية ، ورد عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «أنا وعلي أبوا هذه الأمة» فكل من ربّى شخصا على مجموعة مفاهيم وعلوم فقد ولده بالولادة النفسية والروحية.
فمن هنا يجب أن تكون لهم الولاية والسلطنة على الأشياء ، سواء كانت تشريعية أم تكوينية لقوة أرواحهم وقربهم من المبدأ الفيّاض.
وسيأتي مزيد كلام في ولايتهم التكوينية في باب وجوب طاعة الأئمة عليهمالسلام.
النقطة الثالثة :
يجب أن يكون الأولياء عليهمالسلام طاهري الولادة ، بمعنى أن لا يكونوا أولاد زنا وإلّا لنفّر ذلك من قبول الدعوة وهو خلاف الغرض كما قلنا مرارا وتكرارا ؛ مضافا إلى ما يحمله كل وليد من صفات وراثية لها تأثير كبير ـ على نحو جزء العلة أي المقتضي ـ في تكوين الشخصية الإنسانية وما تحمله من خصال ومزايا.