النقطة الثانية :
قد اتفقت الأمة الإسلامية على وجوب الاعتقاد بكل أنبياء الله تعالى ، وبجميع ما جاءوا به من شرائع ورسالات ، فلا يجوز التفريق بينهم أبدا ، أما تفضيل بعضهم على بعض فمما لا ريب فيه إذ فوق كل ذي علم عليم ، ورفع بعضهم فوق بعض درجات. ووجوب الاعتقاد بهم يجب أن يكون على سبيل الاستغراق المجموعي ، فلا يكفي الإيمان ببعض دون بعض ، بل إنّ إنكار واحد منهم مساوق لتكذيبهم جميعا ، وإنكار حكم من أحكامهم النازلة عليهم يعدّ بمثابة إنكار حكم الله تعالى ؛ كما لا يجوز توهينهم والبخس بحقهم ، والازدراء بهم ، والاستخفاف بمقاماتهم وسبّهم ، كل ذلك موجب للخروج من الدين ، ويعدّ تحاملا وتملصا من شريعة سيد المرسلين وذلك لوجهين :
الأول : إنّ إنكار واحدا منهم مستلزم لإنكار ما نزل على نبينا محمد بن عبد اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ، وما صدر عنه من أخبار في حقهم عليهمالسلام.
قد يقال :
إنّ من غير الجائز إنكار من نصّت عليه الآيات والأخبار بالاسم ، أما من لم يذكر ، فربما يقال بجواز إنكاره ما دام غير متعيّن بالاسم؟
والجواب :
لا يجوز إنكار غير المقصوص والمنصوص عليه بالقرآن والأخبار ، لوجود علم إجمالي بوجود أنبياء لا نعلم أسماءهم وكتبهم ، وهذا كاف في تنجّزه وحجيته.
الثاني : إنّ إنكار نبوة أيّ نبي كفر بذاته ، لأنه إنكار لنبوة من ثبتت نبوّته بالمعجزات.
مضافا إلى ذلك ، فمقتضى إيماننا بالرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم يستدعي أن نؤمن بجميع الأنبياء الذين أخبر عنهم بالإجمال والتفصيل ، وإلّا فإنكار أي واحد منهم يعني إنكار ما نزل على النبي محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو كفر صريح.
أما وجوب الاعتقاد بالكتب المنزلة عليهم فمما لا ريب فيه بشريعة الإسلام ، إلّا أن الموجود حاليا بين أيدينا من التوراة والإنجيل فلا شكّ بكونهما محرّفين عن