إلى روايات أخرى حفلت بها هذه الكتب وغيرها ، وقد نسب القول في الإيمان بهذه الشبهة إلى الحشوية (١).
كما نسب الشيخ أبو زهرة ذلك إلى الكليني معتمدا ما استظهره الصافي من روايته لأخبار التحريف في أصوله وعدم تعقيبه عليها ، مما يدل على إيمانه بها وبخاصة وقد صرح في مقدمة كتابه انه لا يروي إلا ما يثق به ، وقد اعتبر هذا الاستظهار وثيقة من أهم وثائق التكفير ، فسارع إلى تكفيره ، يقول في كتابه (الإمام زيد) : «ومن الغريب أن الّذي ادعى هذه الدعاوي الكليني وهو حجة في الرواية عندهم ، وكيف تقبل رواية من يكون على هذا الضلال ، بل على هذا الكفر المبين؟» (٢).
وما دام الحديث قد بلغ بنا إلى هذا الموضع فلا بدّ من تحقيق هذه النسبة التي وسعها بعضهم إلى جميع أصحاب الصحاح وكتب الحديث ممن ذكروا أحاديث التحريف أخذا بوحدة الملاك في الجميع. والّذي يبدو أن الأخ أبا زهرة ممن يستسيغ التكفير بسهولة ، مع أنه لا يميز ـ فيما يبدو ـ بين نوعين من إنكار الضروري : أحدهما يوجب التكفير والآخر لا يوجبه ، فالذي يوجب التكفير إنكار ضروري من ضروريات الدين ، أي ما ثبت أنه دين بالضرورة مما يعود إنكاره إلى تكذيب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وشبهه ، والقول بعدم التحريف لم يثبت أنه دين بالضرورة وإلاّ لما احتاج إلى الاستدلال عليه بآية : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ)(٣). وما يحتاج إلى الاستدلال لا يكون من الضروريات ، على أنهم اختلفوا في صلاحية الآية للدليلية بشبهة الدور ، وما يقال عن هذه الآية يقال عن
__________________
(١) مجمع البيان : ١ ـ ١٥.
(٢) الإمام زيد : ٣٥١.
(٣) سورة الحجر : الآية ٩.