فهو لا ينفع المستدل لاختصاصه بخصوص الحاضرين في مجلس الخطاب لامتناع خطاب غير الحاضر ، وإذن تختص الآية بخصوص من حضروا المجلس عند نزول الآية ، وليس كل الصحابة ، على ان دليل المشاركة وحده كاف في التعميم.
وأما المناقشتان الثانية والثالثة ، فهما واضحتا البطلان لإنكار الأولية والأولوية في القضايا التي يكون مساقها مساق القضية الحقيقية ، لأن نسبتها إلى الجميع تكون نسبة واحدة من حيث الدلالة اللفظية ، على أن أولية الدخول أو أولويته لا يستلزم صرف الخطاب إليهم وقصره عليهم ، لأن مقتضاهما يوجب مشاركة الغير لهم في الدخول مع تأخر في الزمان أو الرتبة ، فما ذكره من الاختصاص بهم من هذه الجهات لا يخلو من مؤاخذة.
ومع ثبوت التعميم لا يمكن إثبات أحكام السنة لجميع الأمة كما هو واضح.
وما يقال عن هذه الآية يقال عن الآية الثانية ، فهي بالإضافة إلى هذه المؤاخذات على الاستفادة منها والغض عن تسليم افادتها لعدالتهم جميعا ، ان مجرد العدالة لا يوجب كون كل ما يصدر عنهم من السنة ، وإلا لعممنا الحكم إلى كل عادل سواء كان صحابيا أم غير صحابي ، لورود الحكم على العنوان كما هو الفرض ، وغاية ما تقتضيه العدالة هو كونهم لا يتعمدون الخطيئة ، أما مطابقة ما يصدر عنهم للأحكام الواقعية ليكون سنة فهذا أجنبي عن مفهوم العدالة تماما.
والثاني : ما جاء في الحديث من الأمر باتباعهم ، وان سننهم في طلب الاتباع كسنة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كقوله : (... فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ.) (١). ، وقوله : (تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة ، كلها في النار إلا واحدة ، قالوا : ومن هي يا رسول الله؟ قال : ما أنا
__________________
(١) مسند أحمد : مسند الشاميّين ، الحديث ١٦٥٢٢.