فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما : كتاب الله ، وسنة نبيه» (١).
ويكفي في توهين الرواية أنها مرفوعة ولم يذكر الكتاب رواتها ، مما يدل على عدم اطمئنان صاحبها إليها ولسانها «عن مالك أنه بلغه ان رسول الله» ، ولعل الموطأ هو أقدم مصادرها في كتب الحديث ، كما أن ابن هشام هو أقدم رواتها في كتب السير (٢) فيما يبدو.
وما عدا هذين الكتابين ، فقد ذكرها ابن حجر في صواعقه مرسلة ، وذكرها الطبراني فيما حكي عنه (٣).
ومثل هذه الرواية ـ وهي بهذه الدرجة من الضعف لأنها لا تزيد على كونها مرفوعة أو مرسلة ، ولو قدر صحتها فهي لا تزيد على كونها من أخبار الآحاد ـ هل يمكن ان تقف بوجه حديث الثقلين مع وفرة رواته في كتب السنة وتصحيح الكثير من رواياته ، كما سبق بيانه؟
هذا كله من حيث سند الحديثين.
أما من حيث المضمون ، فأنا ـ شخصيا ـ لا أكاد أفهم كيف يمكن أن تكون السنة مرجعا يطلب إلى المسلمين في جميع عصورهم أن يتمسكوا بها إلى جنب الكتاب ، وهي غير مجموعة على عهده صلىاللهعليهوآلهوسلم وفيها الناسخ والمنسوخ ، والعام والخاصّ ، والمطلق والمقيد؟
ولقد كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالمدينة وأصحابه كما يقول ابن حزم : «مشاغيل في المعاش ، وتعذر القوت عليهم لجهد العيش بالحجاز ، وانه كان يفتي بالفتيا ويحكم بالحكم بحضرة من حضره من أصحابه فقط ، وأنه إنما قامت الحجة على سائر من
__________________
(١) الموطأ : ٢ ـ ٢٠٨. طبعة مصطفى البابي الحلبي.
(٢) حديث الثقلين : ١٨ دار التقريب.
(٣) المصدر السابق.