وسنة نبيهم» (١).
واذن يكون ذكر أحدهما مغنيا عن ذكر الآخر ، وكلتا الروايتين يمكن ان تكونا صحيحتين ولا حاجة إلى تكذيب إحداهما وتعيين الصادرة منهما بالرجوع إلى المرجّحات.
ومع الغض عن ذلك وافتراض تمامية المعارضة ، وأن الصادر منه صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يمكن أن يكون إلا واحدة منهما ، فتقديمه لكلمة (وسنتي) لا أعرف له وجها. لأن حديث التمسك بالثقلين متواتر في جميع طبقاته ، والكتب التي حفلت به أكثر من أن تحصى ، وطرقه إلى الصحابة كثيرة ، ورواته منهم ـ أي الصحابة ـ كثيرون جدا ، وفي رواياته عدة روايات كانت في أعلى درجات الصحة ، كما شهد بذلك الحاكم وغيره.
بينما نرى الحديث الآخر لا يتجاوز في اعتباره عن كونه من أحاديث الآحاد ، ولقد كنت أحب للسيد أبي زهرة ان يتفضل بذكر الكتب السنية التي روت حديث (وسنتي) لنرى مدى ادعائه الأوثقية لها ، وأي كتب أوثق من الصحاح والسنن والمسانيد ومستدركاتها التي سبق ذكرها وذكر روايتها للحديث لتقدم عند المعارضة؟!
وفي حدود تتبعي لكتب الحديث ، واستعانتي ببعض الفهارس ، لم أجد رواية (وسنتي) إلا في عدد من الكتب لا تتجاوز عدد الأصابع لليد الواحدة ، وهي مشتركة في رواية الحديثين معا ، اللهم إلا ما يبدو من مالك حيث اقتصر في الموطأ على ذكرها فحسب ، ولم يذكر الحديث الآخر ـ إن صدق تتبعي لما في الكتاب ـ يقول راوي الموطأ : «وحدثني عن مالك : انه بلغه ان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : تركت
__________________
(١) كنز العمال : ٥ ـ ٤١ ، راجع : السقيفة للمظفر : ص ٤٩.