قائلين قد اتفقنا على الحكم الفلاني ، فإن هذا مع امتناعه لا يفيد العلم بالإجماع لاحتمال ان يكون بعضهم مخالفا فيه وسكت تقية وخوفا على نفسه» (١).
وهذا الإشكال ـ على فجوات في بعض فقراته وخطابية في أسلوب عرضه ـ يكاد لا يكون له مدفع نعرفه إذا أخذنا في مفهوم الإجماع اتفاق مجتهدي أمة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم على اختلاف في مذاهبهم وآرائهم ، أو اتفاق أمة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم على اختلاف طوائفها كما هو مقتضى أدلة حجيته السمعية التي عرضناها في البحث السابق.
أما إذا ضيقنا في مفهومه إلى ما يخص مجتهدي مذهب معين أو جماعة يعلم بدخول الإمام في ضمنهم ، فقد يقال بإمكانه مع جهد الفحص والقطع بعدم الاتقاء ، ولا يبعد وقوع ذلك أحيانا.
فالمباني على هذا فيه مختلفة ، والمسألة تتبع المباني في إمكان العلم به وعدمه.
نعم ما يتصل منه بضروريات الدين أو بعض المدركات العقلية التي يقطع باتفاق العقلاء وتطابقهم عليها بما أنهم عقلاء ، فإنكار وقوعه مصادرة لا تعتمد على أساس. ولكن الحكم فيها لا يستفاد من الإجماع ولا تتوقف حجيته عليه.
فالحق ان تحصيل الإجماع بمفهومه الواسع أمر متعذر فيما عدا الضروريات الدينية أو العقلية.
وأكثر منه تعذرا تحصيل الإجماع من الإجماع السكوتي ، لأن السكوت لا يكون كاشفا عن الموافقة على الحكم واختياره ، لاحتمال التقية أو الجهل بالحكم وعدم اعتقاده بضرورة إعلانه أمام الآخرين أو غفلته عنه وهكذا ، فمجرد السكوت لا يكشف عن الموافقة ليتحقق بها الإجماع والاتفاق ، ومن هنا نعرف قيمة الإجماع السكوتي الّذي ذهب إلى اعتباره بعض الأصوليين.
__________________
(١) إرشاد الفحول : ص ٧٢.