للعقل فيها ، إذ كون الشخص الفلاني قال بهذا القول أو لم يقل به ليس من حكم العقل بالاتفاق ، ولا مجال أيضا للحس فيها لأن الإحساس بكلام الغير لا يكون إلا بعد معرفته.
فإذا العلم باتفاق الأمة لا يحصل الا بعد معرفة كل واحد منهم ، وذلك متعذر قطعا.
ومن ذلك الّذي يعرف جميع المجتهدين من الأمة في الشرق والغرب وسائر البلاد الإسلامية؟ فان العمر يفنى دون مجرد البلوغ إلى كل مكان من الأمكنة التي يسكنها أهل العلم فضلا عن اختبار أحوالهم ومعرفة من هو من أهل الإجماع منهم ومن لم يكن من أهله ، ومعرفة كونه قال بذلك أو لم يقل به. والبحث عمن هو خامل من أهل الاجتهاد بحيث لا يخفى على الناقل فرد من أفرادهم ، فإن ذلك قد يخفى على الباحث في المدينة الواحدة فضلا عن جميع الأقاليم التي فيها أهل الإسلام.
ومن أنصف من نفسه علم أنه لا علم عند علماء الشرق بجملة علماء الغرب والعكس ، فضلا عن العلم بكل واحد منهم على التفصيل وبكيفية مذهبه وبما يقوله في تلك المسألة بعينها.
وأيضا قد يحمل بعض من يعتبر في الإجماع على الموافقة وعدم الظهور بالخلاف التقية والخوف على نفسه ، كما أن ذلك معلوم في كل طائفة من طوائف أهل الإسلام ، فإنهم قد يعتقدون شيئا إذا خالفهم فيه مخالف خشي على نفسه من مضرتهم.
وعلى تقدير إمكان معرفة ما عند كل واحد من أهل بلد وإجماعهم على أمر فيمكن ان يرجعوا عنه أو يرجع بعضهم قبل ان يجمع أهل بلدة أخرى ، بل لو فرضنا حتما اجتماع العالم بأسرهم في موضع واحد ورفعوا أصواتهم دفعة واحدة