وهي أقرب إلى الشروح اللفظية منها إلى الحد المنطقي.
والّذي يقرب من الفن ما ذكره القاضي أبو بكر الباقلاني من أنه «حمل معلوم على معلوم في إثبات حكم لهما ، أو نفيه عنهما بأمر جامع بينهما من حكم أو صفة» (١).
يقول في المحصول : «واختاره جمهور المحققين منا» (٢) وقريب منه ما عرفه به الغزالي (٣).
وقد سجّلت على هذا التعريف عدة مفارقات ، لعل أهمها ما أورده الآمدي عليه من لزوم الدور «لأن الحكم في الفرع نفيا وإثباتا متفرع على القياس إجماعا ، وليس هو ركنا في القياس ، لأن نتيجة الدليل لا تكون في الدليل لما فيه من الدور الممتنع» (٤).
وتقريب الدور ، هو أن إثبات الحكم للفرع موقوف على ثبوت القياس ، وثبوت القياس موقوف على تمام كل ما اعتبر فيه ، ومنه إثبات الحكم للفرع ، فهو إذن موقوف على إثبات الحكم للفرع ، ومع إسقاط المتكرر تكون النتيجة هي أن إثبات الحكم للفرع موقوف على إثبات الحكم للفرع ، على أن هذا التعريف مشعر بأن إثبات حكم الأصل إنما هو من نتائج القياس مع أن القياس لا يتكفل أكثر من إثبات حكم الفرع ، والمفروض فيه هو المفروغية عن معرفة حكم الأصل ، إذ هي من متممات الدليل إلى إثبات الحكم في الفرع كما هو واضح.
ولهذا السبب وغيره ، عدل كلّ من الآمدي وابن الهمام عن ذلك التعريف إلى تعاريف أبعد عن المؤاخذات ، فقد عرفه الآمدي بأنه عبارة «عن الاستواء بين
__________________
(١) إرشاد الفحول : ص ١٩٨.
(٢) المصدر السابق.
(٣) المستصفى : ٢ ـ ٥٤.
(٤) الأحكام : ٣ ـ ٤.