بالأحكام التي يبدل واقعها إذا طرأ عليها عنوان ثانوي ، وذلك لما يعلم الشارع المقدس من كثرة تفويت الأقيسة لمصالح المكلفين وحرمانهم منها.
والّذي يهوّن الأمر أنه ليس في الأدلة الرادعة عن الأخذ بالقياس ما هو صريح الردع عن هذا القسم من الأقيسة ، اللهم إلا ما يبدو من رواية أبان ، يقول أبان : «قلت لأبي عبد الله : ما تقول في رجل قطع إصبعا من أصابع امرأة ، كم فيها؟ قال : عشرة من الإبل ، قلت : قطع اثنين؟ قال : عشرون. قلت : قطع ثلاثا؟ قال. ثلاثون : قلت : قطع أربعا؟ قال : عشرون قلت : سبحان الله ، يقطع ثلاثا فيكون عليه ثلاثون ، ويقطع أربعا فيكون عليه عشرون؟ إن هذا كان يبلغنا ونحن بالعراق فنبرأ ممن قال ، ونقول : ان الّذي قاله الشيطان ، فقال عليهالسلام : مهلا يا أبان! هذا حكم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إن المرأة تعاقل الرّجل إلى ثلث الدية ، فإذا بلغت الثلث رجعت المرأة إلى النصف ، يا أبان إنك أخذتني بالقياس ، والسنة إذا قيست محق الدين» (١).
وقد ناقشها بعض أساتذتنا بمناقشات جد متينة ننقلها نصّا من تقريرات بعض تلامذته : «وأما ما أفاده ـ يعني أستاذه ـ من ثبوت المنع عن العمل بالقطع الحاصل من القياس لرواية أبان ، ففيه أولا : أن رواية أبان ضعيفة السند (٢) لا يمكن الاعتماد عليها ، وثانيا : أنه لا دلالة فيها على كونه قاطعا بالحكم ، نعم يظهر منها أنه كان مطمئنا به ، ولذا قال : كنا نسمع ذلك بالكوفة ، ونقول : ان الّذي جاء به شيطان ، وثالثا : ليس فيها إشعار بالمنع عن العمل بالقطع ، وانما أزال الإمام قطعه ببيان أن السنة إذا قيست محق الدين ، نعم ظهورها في المنع عن الغور في المقدمات العقلية لاستنباط الأحكام الشرعية غير قابل للإنكار ، بل لا يبعد ان
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٢٩ ـ ٣٥٢. راجع : القوانين المحكمة : ٢ ـ ٨٩.
(٢) بلغنا ان الأستاذ عدل عن تضعيف الرواية لثبوت صحتها لديه ، ولم تسعني مراجعته للتأكد من ذلك.
(المؤلف).