الكلام لمثله؟
ب ـ ولو سلّم ذلك ـ جدلا ـ فالآية غاية ما تدلّ عليه ، هو مساواة النظير للنظير ، أي جعل الحجية لأصل القياس لا لمالكه ، والدليل الّذي يتكفل حجية الأصل لا يتكفل بيان ما يتحقق به كما سبق تقريبه.
ج ـ ولو سلمنا أيضا دلالته على حجية مسالكه ، فهي لا تدل عليها بقول مطلق إلا بضرب من القياس ، لأن الآية إنما وردت في قياس الأمور المحسوسة بعضها على بعض ، فتعميمها إلى الأمور الشرعية موقوف على السبر والتقسيم أو غيره فيلزم الدور ، وقول خلاف : «إنها تدل على أن النظير ونظيره يتساويان» غير صحيح على إطلاقه ، إذ غاية ما تدل عليه هي مساواة النظير للنظير في الأمور التكوينية ، فتعميمها للغير لا يتم إلا بضرب من القياس الظني.
٤ ـ قوله تعالى : فجزاء مثل ما قتل من النعم (١) ، وهي التي استدل بها الشافعي على حجيته حيث قال : «فهذا تمثيل الشيء بعدله وقال : (يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ) وأوجب المثل ، ولم يقل أيّ مثل ، فوكل ذلك إلى اجتهادنا ورأينا ، وأمر بالتوجّه إلى القبلة بالاستدلال ، وقال : (وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ)(٢). انتهى» (٣).
والجواب : إن الشارع وان ترك لنا أمر تشخيص الموضوعات ، إلا أنه على وفق ما جعل لها الشارع أو العقل من الطرق ، وكون القياس الظني من هذه الطرق كالبينة هو موضوع الخلاف ، والآية أجنبية عن إثباته.
ثم ان عد تشخيص صغريات الموضوع أو المتعلق من القياس لو أراد الشافعي ذلك في كلامه ، لا يعرف له وجه ، لأن القياس بجميع تعاريفه لا ينطبق عليه ،
__________________
(١) سورة المائدة : الآية ٩٥.
(٢) سورة البقرة : الآية ١٥٠.
(٣) إرشاد الفحول : ص ٢٠١.