من أحكام الشرع على نحو القطع.
وما جعل لها من الطرق والأمارات والأصول المؤمّنة يغني عن اعتبار القياس بطرقه المظنونة كضرورة عقلية ، لا بد من اللجوء إليها وهي وافية بحاجات الناس على اختلاف عصورهم وبيئاتهم.
على أن حكم العقل هذا ـ لو تم ـ فهو لا يشير ولا يعين القياس المظنون فكيف يكون حجة فيه؟ لأن تعيينه أو غيره مما يحتاج إلى مقدمات أخرى وهي مفقودة في الدليل ، وستأتي الإشارة إليها في دليل الانسداد.
٣ ـ قولهم : «ان القياس دليل تؤيده الفطرة السليمة والمنطق الصحيح ، ويبني عليه العقلاء أحكامهم ، فمن نهي عن شراب لأنه سام يقيس بهذا الشراب كل سام ، ومن حرم عليه تصرف لأن فيه اعتداء وظلما لغيره ، يقيس بهذا كل تصرف فيه اعتداء وظلم لغيره ، ولا يعرف بين الناس اختلاف في أن ما جرى على أحد المثلين يجري على الآخر ، وان التفريق بين المتساويين في أساسه ظلم» (١).
وهذا الدليل ـ بعد الغض عما فيه من الخلط بين الفطرة السليمة وحكم العقل وبناء العقلاء ولكل منها منبع يستقى منه وهو يختلف عن البقية ـ انه لا يتعرض إلى أكثر من حجية أصل القياس لا طرقة المظنونة ، وحجية أصل القياس لا تقبل المناقشة كما سبق الحديث في ذلك.
ومن الواضح انه لا تلازم بين حرمة شيء وحرمة ما ظن وجود علتها فيه ، وان لم تكن موجودة واقعا لأن الظن بالعلية لا يسري إلى الواقع فيغيره عما هو عليه.
٤ ـ ما ذكر من ان حكم العقل بحجية مطلق الظن المبتني على مقدمات الدليل
__________________
(١) مصادر التشريع : ص ٢٩.