المعروف بين العلماء بدليل الانسداد الكبير شامل ـ بعد تماميته ـ لجميع الظنون بما فيها الظنون القياسية.
وتقريبه يقتضي التعرض لهذه المقدمات ، وقد بلغ بها صاحب كفاية الأصول إلى خمسة (١) وهي :
١ ـ علمنا إجمالا بتوجه تكاليف من الشارع لنا.
٢ ـ انسداد باب العلم التفصيليّ بالكثير منها وكذلك انسداد باب العلمي ، أي الطرق والأمارات المجعولة من قبل الشارع عليها ، والتي تثبت حجيتها أو طريقيتها بأدلة قطعية.
٣ ـ القطع بعدم تسامح الشارع عنها على نحو يسوغ إهمالها وعدم امتثالها.
٤ ـ عدم وجوب الاحتياط في أطراف العلم للزوم العسر والحرج أو عدم جوازه ، كما إذا لزم منه اختلال النظام ، وربما كان غير ممكن أصلا كما في دوران الأمر بين المحذورين ، ومع عدم جعل الاحتياط لا يسوغ العقل الرجوع إلى الأصول في أطرافه لمنافاتها لمقتضى العلم ، كما لا يسوغ العقل الالتجاء إلى التقليد ، لأن مبنى التقليد قائم على رجوع الجاهل إلى العالم ، ومع اعتقاد المكلف بانسداد باب العلم والعلمي لا يرى غيره عالما ليسوغ لنفسه الرجوع إليه وتقليده.
٥ ـ امتناع ترجيح المرجوح على الراجح ، وبما ان الظن في الحكم في بعض الأطراف أرجح من الشك أو الوهم ، فإنه يتعين بحكم العقل الرجوع إليه واعتباره حجة سواء كان منشؤه القياس أم غيره ، واستثناء القياس من الحجية يلزم منه تخصيص الحكم العقلي ، والأحكام العقلية لا تقبل التخصيص.
__________________
(١) راجعها في حقائق الأصول : ٢ ـ ١٥٦ (متن).