أ ـ تعارض العام والخاصّ ، كنهي الشارع عن بيع كل معدوم ، وترخيصه به في السلم حيث التزموا بتقديم الخاصّ على العام وتخصيص العام به.
ولقد سبق أن قلنا : ان هذا النوع من التقديم مما يقتضيه الجمع العرفي المقتضي للأخذ بالدليلين معا مع تضييق لأحدهما عما هو ظاهر فيه.
ومنشأ التقديم لدى بعض أساتذتنا هو حكومة النص على الظاهر فيما لو كان الخاصّ نصا في مدلوله ، أو الأظهر على الظاهر فيما إذا لم يكن نصا فيه لبداهة أنّ ظهور الخاصّ في مدلوله أكثر من ظهور العام في مدلول الخاصّ ، فيكون بمنزلة القرينة على المراد منه ، وهي حاكمة بلسان شرح المراد من ذيها عليه ، ولكن هذا الشرح ليس مما يقتضيه لسانه لو خلي وطبعه لينتظم في مبحث الحكومة في حدود ما شرحناها في بحوث التمهيد ، وانما اقتضته طبيعة الجمع بين الأدلة وإيضاح بعضها ببعض.
ب ـ ان يكون بين الدليلين حاكم ومحكوم ، وقد سبق بيان السر في تقديم الدليل الحاكم على الدليل المحكوم (١).
ج ـ أن يكون فيهما ناسخ ومنسوخ ، وقد تقدم الحديث حول مفهوم النسخ وسر التقديم فيه في «مبحث السنّة» (٢).
هذا كله في التعارض البدوي الّذي يعود إلى المضامين ، بعد المفروغية عن صدور الدليلين من الشارع المقدس ، أما التعارض المستحكم الّذي لا يزول بأدنى ملاحظة ولا يرى العرف طريقا للجمع بين مضامين ما تحقق فيه ، كما في المتباينين أو العامين من وجه ، فالمرجع فيه :
__________________
(١) راجع : ص ٨٢ من هذا الكتاب.
(٢) راجع : ص ١١٣ وما بعدها من هذا الكتاب.