والنسل ، فقد اعتبر الشارع صيانتها وترك ما يؤدي إلى فسادها (١) ... إلخ».
ولكن القول بحجيتها هنا لا يجعلها دليلا مستقلا في مقابل العقل ، بل هي نفس ما عرضناه سابقا في مبحث حجيته.
وإن لم يكن إدراكه لها كاملا بأن كان قد أدرك المصلحة ، واحتمل وجود مزاحم لها يمنع من جعل الحكم ، أو احتمل انها فاقدة لبعض شرائط الجعل كما هو الغالب فيها ، بل لا يتوفر الإدراك الكامل إلا في حالات نادرة وهي التي تكون المصلحة ذاتية ـ كما سبق ـ فإن القول بحجيتها ـ أعني هذا النوع من المصالح المرسلة ـ مما يحتاج إلى دليل ، وليس لدينا من الأدلة ما يصلح لإثبات ذلك ، لما قلناه من أن الإدراك الناقص ـ وهو الّذي لا يشكل الرؤية الكاملة ـ ليست حجيته ذاتية ، بل هي محتاجة إلى الجعل والأدلة غير وافية بإثباته.
والشك في الحجية كاف للقطع بعدمها لتقومها بالعلم ، وقد مرّ إيضاح ذلك كله.
وبهذا يتضح ان الشيعة لا يقولون بالمصالح المرسلة إلا ما رجع منها إلى العقل على سبيل الجزم ، كما هو مقتضى مبناهم الّذي عرضناه في دليل العقل وما عداه فهو ليس بحجة ، فنسبة الأستاذ الخفيف القول بها إلى الشيعة ليس بصحيح على إطلاقه.
__________________
(١) القوانين المحكمة : ٢ ـ ٩٢.