الطائفة الثانية : ما ورد فيها لفظة الأمر بالاحتياط أمثال :
قوله عليهالسلام : «أخوك دينك فاحتط لدينك» (١).
وقوله عليهالسلام : «خذ بالحائطة لدينك» (٢).
وهذه الروايات (٣) بلغت من الكثرة حدا قربها من التواتر المعنوي ، فلا جدوى في استعراضها ومناقشة أسانيدها وبيان الضعيف منها من غيره.
ويرد على الطائفة الأولى :
١ ـ ان كلمة الشبهة التي أخذت فيها جميعا ظاهرة في الشبهة المتحكمة ، أي التي لم يعرف حكمها الواقعي أو الظاهري ، ولم يجعل لها الشارع مؤمّنات من قبله ، إذ مع قيام حكمها الظاهري أو جعل المؤمّن فيها لا معنى لاعتبارها شبهة ، وتكون من الأمر البيّن الرشد.
وبما ان أدلة البراءة لسانها لسان المؤمّن ، فهي حاكمة عليها ومزيلة لموضوعها تعبدا.
ولذا لم نجد أحدا من الفقهاء منهم توقف في موارد الشبهات الموضوعية أو الحكمية ـ إذا كانت وجوبية ـ اعتمادا على هذه الروايات مع ان لسانها آب عن التخصيص ، مما يدل على تحكيمهم لأدلة البراءة على هذه الأدلة.
٢ ـ ان لسان الأمر بالتوقف وما انطوت عليه من تعليل في بعضها يدلنا على كونها أوامر إرشادية لاتصالها بشئون التحذير من الوقوع في العقاب ، وشئون العقاب والثواب لا تتقبل أوامر مولوية للزوم التسلسل فيها كما سبقت الإشارة
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٢٧ ـ ١٦٧ ، أبواب صفات القاضي ، باب وجوب التوقف والاحتياط في القضاء والفتوى ، ح ٤٦.
(٢) المصدر السابق ، ح ٤٢ وفيه : «وتأخذ بالحائطة لدينك».
(٣) لاستقصاء هذه الروايات يحسن الرجوع إلى رسائل الشيخ الأنصاري ، وفوائد الأصول للشيخ محمد علي الخراسانيّ ، وغيرهما من الموسوعات (مبحث الاحتياط). (المؤلف).