المتعلق بأفعال المكلفين» (١) كما نقل ذلك الآمدي عن بعض الأصوليين ، أو أنه «خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع» (٢) وهو الّذي حكاه صاحب سلم الوصول عن الأصوليين ، لأن كلمة خطاب لا تشمل الحكم في مرحلة الجعل ، وانما تختص بمراحله المتأخرة من التبليغ والوصول والفعلية ، لوضوح أنها هي التي تحتاج إلى الخطاب لأداء جعل الشارع واعتباره ، فتعميمها إلى جميع مراحله أقرب إلى فنية التعريف من وجهة منطقية.
وكلمة الاعتبار تغنينا عن استعراض ما أورد أو يورد من الإشكال على التعريفين السابقين من عدم الاطّراد والانعكاس فيهما ، لعدم شمولهما لقسم من الأحكام الوضعيّة التي لم يتعلق بها خطاب من الشارع ، وانما انتزعت مما ورد فيه الخطاب من الأحكام التكليفية كالجزئية ، والشرطية ، والسببية ، وشمولها لما ورد فيه خطاب يتعلق بأفعال العباد وليس بحكم ، كقوله تعالى : (وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ)(٣).
وهذا الإشكال انما يرد على خصوص التعريف الأول لتقييد الخطاب في التعريف الثاني بخصوص الاقتضاء أو التخيير أو الوضع ، وانما عممنا في التعريف إلى التعلق المباشر وغير المباشر بأفعال العباد لنعمم لفظ الحكم إلى جميع ما كان فيه اعتبار شرعي وان لم يتعلق بالأفعال ابتداء ، وانما تعلق بها باعتبار ما يستتبعها من الأحكام التكليفية ، سواء تعلق بها مباشرة أم بواسطة منشأ انتزاعها ، كما هو الشأن في الأحكام الوضعيّة المنتزعة.
وقد ذكروا للفظ الحكم ـ بهذا المعنى ـ تقسيمات متعددة نستعرضها جميعا نظرا لأهمية الحديث فيها ، ولكثرة ثمراته العلمية المترتبة عليها وبخاصة في مجالات
__________________
(١) مباحث الحكم عند الأصوليين : ١ ـ ٥٥ ، والأحكام : ١ ـ ٤٩.
(٢) المصدر السابق نفس الصفحة ، وسلم الوصول : ٢٩.
(٣) سورة الصافات : الآية ٩٦.