الشرعي ، لأن العلة لما لم تكن موجبة للحكم لجواز وجودها خالية عنه لم يوجب ذلك العلم بالمطلوب ، فذلك كان طريقه الاجتهاد.
والثاني ما يغلب في الظن من غير علة ، كالاجتهاد في الوقت والقبلة والتقويم.
والثالث الاستدلال بالأصول» (١).
والّذي يتصل من هذه الثلاثة بالاجتهاد بمفهومه الخاصّ لدى الأصوليين هو المعنى الأول ـ أعني القياس ـ أما الثاني فهو أجنبي عن وظائف المجتهدين ، لأن الاجتهاد في تشخيص صغريات الموضوعات الشرعية ليس من وظائف المجتهدين بداهة ، والمعنى الأخير هو الاجتهاد بمفهومه العام. واعتبره مصطفى عبد الرزاق مرادفا للرأي والقياس والاستحسان والاستنباط (٢).
والغريب ان يرادف بين هذه المعاني وهي مختلفة المفاهيم ويجعلها حاكية عن مفهوم واحد. ولست أظن ان الأستاذ عبد الرزاق يريد ان يقول بالاشتراك اللفظي بينها لعدم التعدد في أوضاعها بداهة.
والظاهر ان لفظة الاجتهاد ـ بمفهومها الخاصّ ـ مرادفة لديهم لمفهوم الرّأي والمعاني الأخرى من قبيل المصاديق لهذا المفهوم ، وقد وقع الاشتباه نتيجة للاختلاط في استعماله بين المفهوم والمصداق.
وحديثنا انما ينصب على خصوص الاجتهاد بمفهومه العام ، لدخول الاجتهاد بالمفهوم الثاني ضمن ما يصدق عليه ، وقد سبق ان تحدثنا عن هذه الأقسام من الأصول : القياس ، الاستحسان ... إلخ ، وتعرفنا على ما كان حجة منها من غيره ، فلا ضرورة لأن نخصها بعد ذلك بشيء من الحديث.
__________________
(١) إرشاد الفحول : ص ٢٥٠.
(٢) تمهيد لتأريخ الفلسفة الإسلامية : ص ١٣٨.