وكبرى.
أما مناقشته من وجهة صغروية فقد شكك في إمكان تحصيل هذا الإجماع ، وقال : «ان محققي العلماء يرون استحالة الإجماع ونقله بعد القرون الثلاثة الأولى نظرا لتفرق العلماء في مشارق الأرض ومغاربها ، واستحالة الإحاطة بهم وبآرائهم عادة.
وهذا رأي واضح كل الوضوح لا يصلح لعاقل ان ينازع فيه ، وإذا كان هذا واضحا بالنسبة لإجماع المجتهدين ، وهم أقل عددا بلا ريب من المحققين ، فكيف عرف إجماع المحققين؟» (١).
ثم تساءل بعد ذلك عن قيمة ابن الصلاح ـ مدعي هذا الإجماع ـ ومدى صلاحيته للأخذ برأيه «ابن الصلاح هذا فقيه مقلد ، فكيف يؤخذ برأي فقيه مقلد ليس واحدا من الأئمة الأربعة؟ وكيف ينسخ الإجماع برأي واحد لا يصلح تقليده والأخذ بقوله؟» (٢).
وأما مناقشته من وجهة كبروية فقد انصبت على إنكار الدليل على حجية مثل هذا الإجماع ، يقول : «ليس لإجماع المحققين قيمة بين الأدلة الشرعية ، فهي محصورة : كتاب الله وسنة رسوله ، وإجماع المجتهدين ، والقياس على المنصوص ، ولم يعد أحد من الأدلة الشرعية إجماع المحققين ، فكيف برز هذا الإجماع وأخذ مكانته بين الأدلة ، وأصبح يقوى على نسخ إجماع المسلمين؟» (٣) إلى آخر ما جاء في بحثه القيم من مناقشات لقيمة هذا الإجماع.
وخلاصة الرّأي في ذلك أنّا قد استقرأنا فيما سبق في (مبحث الإجماع) (٤) أدلة
__________________
(١) الاجتهاد في الشريعة للمراغي : ص ٣٥٧ من رسالة الإسلام : س ١ ـ ج ٣ نقلا عنه.
(٢) المصدر السابق.
(٣) المصدر السابق.
(٤) راجع : ص ٢٤١ وما بعدها من هذا الكتاب.