وبقاء علمه المستند إليها ، فإن الشارع لا يمكن له ان يتصرف فيها لأنها كما سبق بيانه غير واقعة تحت تصرفه كمشرع ، وان وقعت تحت قبضته كخالق ومكوّن.
ومع هذا الفرض وتماميته لم نعد بحاجة إلى التماس أدلة على الحجية.
وربما استدل على جواز تقليده لغيره في هذه الصورة بشمول أدلة التقليد له.
ويرد على هذا الاستدلال خروجه عن هذه الأدلة بالتخصص لبداهة ان موضوعها قد أخذ فيه عدم العلم (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)(١). والسيرة العقلائية إنما قامت على رجوع الجاهل إلى العالم لا العالم إلى مثله.
ولا يفرق في هذا الحكم بين رجوعه إلى مثله في المعرفة أو الأعم منه ، لأن الأعلمية المفروضة ان أوجبت له تشكيكا في صحة مستنده ، كأن يكون قد اطلع على وجهة نظره فأقرها ، أو أثارت لديه الشكوك ، فهو خارج عن الفرض لعدم وصوله إلى الحكم ، والكلام إنما هو فيمن أعمل ملكته ووصل إلى الحكم من طريقها ، وان لم توجب له التشكيك فيما وصل إليه وبقي مصرا على وجهة نظره ، فهو في الحقيقة يرى نفسه أوصل منه في هذه المسألة ، فكيف يسوغ له الرجوع إليه. فما أوهم هذا التفصيل في كلمات البعض لا يبدو له وجه.
نعم ، هناك تفصيل يذكر بالنسبة إلى المتجزئ وعدمه.
التفصيل بين المتجزّي وعدمه :
والّذي يظهر ان القائلين بالتجزي مختلفون على أنفسهم ، فبعضهم يرى لزوم رجوع المتجزئ إلى غيره من المجتهدين ، كصاحب المعالم قدس سرّه ووالده قدس سرّه وجده قدس سرّه إذا صحت استفادة ذلك من كلامهم ، بينما خالفهم العلامة قدس سرّه والشهيد قدس سرّه وصاحب الكفاية قدس سرّه وغيرهم.
__________________
(١) سورة النحل : الآية ٤٣.