العامة التي لا تختص بحال دون حال ولا بمكلف دون مكلف» (١).
وفي مقابلها الرخصة وهي «ما شرعه الله من الأحكام تخفيفا على المكلف في حالات خاصة تقتضي هذا التخفيف» (٢). ورجوعهما بهذين التعريفين إلى الأحكام التكليفية من أوضح الأمور ، فليست العزيمة إلا الحكم المجعول للشيء بعنوانه الأولي ، وليست الرخصة الا جعل الإباحة للشيء بعنوانه الثانوي ، وهما لا يخرجان عن تعريف الأحكام التكليفية بحال.
وأمثلة العزيمة التي ذكروها هي : ما ألزم به الشارع من الصوم ، والصلاة ، والحج ، وترك شرب الخمر ، وأكل الميتة ، وهكذا. ومثلوا للرخصة بما أحل لأجل الاضطرار والإكراه ، كأكل لحم الميتة ، وشرب الخمر ، وغيرهما من العناوين الثانوية.
والّذي يبدو ان لفظتي : الرخصة والعزيمة ، وردتا على لسان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم. ففي نهاية ابن الأثير «وحديث ابن مسعود أن الله يحب ان تؤتى رخصه كما يحب ان تؤتى عزائمه» (٣) ، فمن هذا الحديث وتفسيرات الأصوليين والفقهاء لهما بما سبق لا يتضح منشأ لتفسير العزيمة «بسقوط الأمر بجميع مراتبه أو سقوط التكليف رأسا» وتفسير الرخصة «بسقوطه ببعض مراتبه» (٤) كما ورد ذلك في بعض التحديدات ، لوضوح أنه لا معنى للتعبير بأنه «يحب ان تؤتى عزائمه» إذا كان معنى العزيمة سقوط الأمر بجميع مراتبه لكون «الإتيان به استنادا إلى المولى تشريعا محرما» (٥) كما يصرح بذلك المحدد نفسه ، اللهم إلاّ ان يتعدد فيها
__________________
(١) علم أصول الفقه لخلاّف : ١٣٨.
(٢) المصدر السابق ، وقريب منه ما ذكره الآمدي في الأحكام : ١ ـ ٦٨ وغيره.
(٣) مادة عزم» : ٣ ـ ٩٣.
(٤) مصباح الأصول : ٨٦ وما بعدها.
(٥) المصدر السابق : ٨٧.