قوله : «نشهد».
يجري مجرى القسم كفعل العلم واليقين ، ولذلك تلقي بما يتلقى به القسم (١) في قوله : (إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ).
وفي قوله : [الكامل]
٤٧٧٠ ـ ولقد علمت لتأتينّ منيّتي |
|
إنّ المنايا لا تطيش سهامها (٢) |
وقد تقدم [الخلاف](٣) في الصدق والكذب ، واستدلالهم بهذه الآية ، والجواب عنها في أول البقرة (٤).
وقال القرطبي (٥) هنا : معنى «نشهد» نحلف ، فعبر عن الحلف بالشهادة ؛ لأن كل واحد من الحلف والشهادة إثبات لأمر مغيّب ، ومنه قول قيس بن ذريح : [الطويل]
٤٧٧١ ـ وأشهد عند الله أني أحبّها |
|
فهذا لها عندي ، فما عندها ليا؟ (٦) |
ونظيره قول الملاعن : أشهد بالله.
قال الزمخشري (٧) : «والشهادة تجري مجرى الحلف في التوكيد. يقول الرجل : أشهد ، وأشهد بالله ، وأعزم ، وأعزم بالله في موضع «أقسم وأولي» ، وبه استشهد أبو حنيفة على أن «أشهد» يمين».
ويحتمل أن يكون ذلك محمولا على ظاهره أنهم يشهدون أن محمدا رسول الله صلىاللهعليهوسلم اعترافا بالإيمان ونفيا للنفاق عن أنفسهم وهو الأشبه.
قوله : (وَاللهُ يَعْلَمُ).
جملة معترضة بين قوله : (نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ) وبين قوله : (وَاللهُ يَشْهَدُ) [لفائدة.
قال الزمخشري (٨) : «ولو قال : («قالُوا : نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ) ، (وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) لكان يوهم أن قولهم هذا كذب ، فوسط بينهما قوله : (وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ) ليميط هذا الإبهام».
قال القرطبي (٩) : (وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ) كما قالوه بألسنتهم](١٠) ، (وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ) بضمائرهم ، فالتكذيب راجع إلى الضمائر ، وهذا يدلّ على أن الإيمان
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٦ / ٣١٩.
(٢) تقدم.
(٣) في أ : الكلام.
(٤) آية رقم ١٠.
(٥) الجامع لأحكام القرآن ١٨ / ٨٠.
(٦) ينظر : مجنون ليلى ص ٣٠٠ ، والقرطبي ١٨ / ٨٠.
(٧) ينظر : الكشاف ٤ / ٥٣٨.
(٨) الكشاف ٤ / ٥٣٨.
(٩) الجامع لأحكام القرآن ١٨ / ٨٠.
(١٠) سقط في أ.