جنّة أي : سترة لأموالهم ودمائهم عن أن يستبيحها المسلمون.
قوله : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا).
هذا إعلام من الله بأن المنافقين كفار ، إذ أقروا باللسان ثم كفروا بالقلب.
وقيل : نزلت الآية في قوم آمنوا ثم ارتدوا (فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ) أي ختم عليها بالكفر (فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ) الإيمان ولا الخير (١).
وقرأ العامّة : «فطبع» مبنيا للمفعول ، والقائم مقام الفاعل الجار بعده.
وزيد بن علي (٢) : «فطبع» مبنيا للفاعل.
وفي الفاعل وجهان (٣) :
أحدهما : أنه ضمير عائد على الله تعالى ، ويدل عليه قراءة الأعمش ، وقراءته في رواية عنه: «فطبع الله» مصرحا بالجلالة الكريمة.
وكذلك نقله القرطبي (٤) عن زيد بن علي.
فإن قيل : إذا كان الطّبع بفعل الله ـ تعالى ـ كان ذلك حجة لهم على الله تعالى فيقولون : إعراضنا عن الحق لغفلتنا بسبب أنه ـ تعالى ـ طبع على قلوبنا؟.
فأجاب ابن الخطيب (٥) : بأن هذا الطبع من الله ـ تعالى ـ لسوء أفعالهم ، وقصدهم الإعراض عن الحق فكأنه تعالى تركهم في أنفسهم الجاهلة وغوايتهم الباطلة.
والثاني : أن الفاعل ضمير يعود على المصدر المفهوم مما قبله ، أي : فطبع هو أي بلعبهم بالدين.
قوله : (وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ).
أي : هيئاتهم ، ومناظرهم ، (وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ) يعني : عبد الله بن أبي وقال ابن عباس : كان عبد الله بن أبي وسيما جسيما صحيحا صبيحا ذلق اللسان ، فإذا قال ، سمع النبي صلىاللهعليهوسلم مقالته ، وصفه الله بتمام الصّورة وحسن الإبانة (٦).
وقال الكلبي : المراد ابن أبي وجدّ بن قيس ومعتّب بن قشير ، كانت لهم أجسام ومنظر وفصاحة (٧).
__________________
(١) ينظر : القرطبي ١٨ / ٨١.
(٢) ينظر : الكشاف ٤ / ٥٣٩ ، والبحر المحيط ٨ / ٢٦٨ ، والدر المصون ٦ / ٣٢٠.
(٣) ينظر : الدر المصون ٦ / ٣٢٠.
(٤) وكذلك صرح به الزمخشري في الكشاف ٤ / ٥٣٩.
(٥) ينظر : الفخر الرازي ٣٠ / ١٤.
(٦) ذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ٣٤٨) والدارقطني (١٨ / ٨١).
(٧) ينظر تفسير القرطبي (١٨ / ٨١).