فقال الزمخشري (١) : إشباعا لهمزة الاستفهام للإظهار والبيان لا قلبا لهمزة الوصل كما ف ي «آلسحر» [يونس : ٥٩] و (آللهُ) [يونس : ٨١].
يعني إنما أشبع همزة التسوية فتولد منها ألف.
وقصده بذلك إظهار الهمزة وبيانها ، إلا أنه قلب الوصل ألفا كما قلبها في قوله : آلسحر ، (آللهُ أَذِنَ لَكُمْ) لأنّ هذه الهمزة للوصل ، فهي تسقط في الدرج ، وأيضا فهي مكسورة فلا يلتبس معها الاستفهام بالخبر بخلا ف «آلسحر» ، (آللهُ أَذِنَ لَكُمْ).
وقال آخرون (٢) : هي عوض عن همزة الوصل ، كما في (آلذَّكَرَيْنِ) [الأنعام : ١٤٣].
وهذا ليس بشيء ؛ لأن هذه مكسورة فكيف تبدل ألفا.
وأيضا فإنما قلبناها هناك ألفا ولم نحذفها وإن كان حذفها مستحقا لئلا يلتبس الاستفهام بالخبر ، وهنا لا لبس.
وقال ابن عطية (٣) : وقرأ أبو جعفر يعني يزيد بن القعقاع : «آستغفرت» بمدّة على الهمزة وهي ألف التسوية. وقرأ أيضا : بوصل الألف دون همزة على الخبر ، وفي هذا كله ضعف ، لأنه في الأولى أثبت همزة الوصل وقد أغنت عنها همزة الاستفهام ، وفي الثانية حذف همزة الاستفهام ، وهو يريدها ، وهذا مما لا يستعمل إلا في الشعر.
قال شهاب الدين (٤) : أما قراءته «استغفرت» بوصل الهمزة فرويت أيضا عن أبي عمرو ، إلا أنه يضم ميم «عليهم» عند وصله الهمزة لأن أصلها الضم ، وأبو عمرو يكسرها على أصل التقاء الساكنين.
وأما قوله : وهذا مما لا يستعمل إلا في الشعر ، فإن أراد بهذا مدّ هذه الهمزة في هذا المكان فصحيح ، بل لا تجده أيضا ، وإن أراد حذف همزة الاستفهام ، فليس بصحيح ؛ لأنه يجوز حذفها إجماعا قبل «أم» نثرا ونظما ، فأما دون «أم» ففيه خلاف.
والأخفش رحمهالله يجوّزه ، ويجعل منه (وَتِلْكَ نِعْمَةٌ) [الشعراء : ٢٢].
وقول الآخر : [الطويل]
٤٧٧٤ ـ [طربت وما شوقا إلى البيض أطرب |
|
ولا لعبا منّي وذو الشّيب يلعب](٥) |
وقول الآخر : [المنسرح]
٤٧٧٥ ـ أفرح أن أرزأ الكرام وأن |
|
أورث ذودا شصائصا نبلا (٦) |
__________________
(١) ينظر : الكشاف ٤ / ٥٤٣.
(٢) ينظر : الدر المصون ٦ / ٣٢١.
(٣) المحرر الوجيز ٥ / ٣١٤.
(٤) الدر المصون ٦ / ٣٢٢.
(٥) تقدم.
(٦) تقدم.