أي ربّ علقة ، أي : ربّ مضغة ، فإذا أراد الله أن يقضي خلقها ، قال : ربّ أذكر أم أنثى؟ أشقيّ أم سعيد؟ فما الرّزق؟ فما الأجل؟ فيكتب ذلك في بطن أمّه».
وقال الضحّاك : فمنكم كافر في السّر ، مؤمن في العلانية كالمنافق ، ومنكم مؤمن في السر ، كافر في العلانية كعمّار وذويه (١).
وقال عطاء بن أبي رباح : فمنكم كافر بالله مؤمن بالكوكب ، ومنكم مؤمن بالله كافر بالكوكب يعني في شأن الأنواء ، كما جاء في الحديث (٢).
قال القرطبي (٣) : وقال الزجاج (٤) ـ وهو أحسن الأقوال ـ : والذي عليه الأئمة أن الله خلق الكافر ، وكفره فعل له وكسب ، مع أن الله خالق الكفر ، وخلق المؤمن ، وإيمانه فعل له وكسب ، مع أنّ الله خالق الإيمان ، والكافر يكفر ، ويختار الكفر بعد خلق الله تعالى إياه ؛ لأن الله ـ تعالى ـ قدّر ذلك عليه وعلمه منه ؛ لأن وجود خلاف المقدور عجز ، ووجود خلاف المعلوم جهل ، ولا يليقان بالله تعالى ، وفي هذا سلامة من الجبر والقدر. وروي عن أبي سعيد الخدري أنه قال : فمنكم كافر حياته مؤمن في العاقبة ، ومنكم مؤمن حياته كافر في العاقبة (٥). وقيل : فمنكم كافر بأن الله خلقه ، وهو مذهب الدّهرية ، ومنكم مؤمن بأن الله خلقه.
قال ابن الخطيب (٦) : فإن قيل : إنه ـ تعالى ـ حكيم وقد سبق في علمه أنه إذا [خلقهم لم يفعلوا إلا الكفر ، فأي حكمة دعته إلى خلقهم؟](٧).
فالجواب إذا علمنا أنه تعالى حكيم ، علمنا أن أفعاله كلها على وفق الحكمة ، ولا يلزم من عدم علمنا بذلك أن لا يكون كذلك ، بل اللازم أن يكون خلقهم على وفق الحكمة.
قوله : (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِ).
أي : خلقها يقينا لا ريب فيه.
وقيل : الباء بمعنى اللام ، أي : خلقها للحق ، وهو أن يجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى (٨).
__________________
(١) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٨ / ٨٨).
(٢) ذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ٣٥٢) وينظر أيضا المصدر السابق.
(٣) الجامع لأحكام القرآن ١٨ / ٨٨.
(٤) ينظر : معاني القرآن ٥ / ١٧٩.
(٥) ذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ٣٥٢) والقرطبي (١٨ / ٨٨).
(٦) ينظر التفسير الكبير ٣٠ / ٢١.
(٧) سقط من أ.
(٨) ينظر : القرطبي ١٨ / ٨٨.