أي : ويدها.
كقوله : (سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ) [النحل : ٨١] ، أي : والبرد.
الثالث : أنه خطاب لأمته فقط بعد ندائه ـ عليه الصّلاة والسلام ـ وهو من تلوين الخطاب ، خاطب أمته بعد أن خاطبه.
الرابع : أنه على إضمار قول ، أي : يا أيها النبي قل لأمتك إذا طلقتم النساء.
قال القرطبي (١) : قيل : إنه خطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم والمراد أمته ، وغاير بين اللفظين من حاضر وغائب ، وذلك لغة فصيحة ، كقوله : (إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ) [يونس : ٢٢] ، والتقدير : يا أيها النبي قل لهم : إذا طلقتم النساء ، فطلقوهن لعدتهن ، وهذا هو قولهم : إن الخطاب له وحده ، والمعنى له وللمؤمنين ، وإذا أراد الله بالخطاب المؤمنين لاطفه بقوله : (يا أَيُّهَا النَّبِيُ) ، وإذا كان الخطاب باللفظ والمعنى جميعا له قال : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ).
قال القرطبي (٢) : ويدلّ على صحة هذا القول نزول العدة في أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية.
روى أبو داود : أنها طلّقت على عهد النبي صلىاللهعليهوسلم ولم يكن للمطلّقة عدّة ، فأنزل الله ـ تعالى ـ العدّة للطلاق حين طلقت أسماء ، فكانت أولّ من أنزل فيها العدة للطلاق.
الخامس : قال الزمخشري (٣) : «خصّ النبي صلىاللهعليهوسلم بالنداء وعمّ بالخطاب ؛ لأن النبي إمام أمته وقدوتهم كما يقال لرئيس القوم وكبيرهم : يا فلان افعلوا كيت وكيت اعتبارا لتقدمه وإظهارا لترؤسه» في كلام حسن.
وهذا هو معنى القول الثالث المتقدم.
قال القرطبي (٤) : وقيل : المراد به نداء النبي صلىاللهعليهوسلم تعظيما له ، ثم ابتدأ : (إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ) ، كقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ) [المائدة : ٩٠] الآية فذكر المؤمنين تكريما لهم ، ثم افتتح فقال : (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ) [المائدة : ٩٠] الآية.
وقوله : (إِذا طَلَّقْتُمُ) أي : إذا أردتم ، كقوله : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) [المائدة : ٦] ، (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ) [النحل : ٩٨]. وتقدم تحقيقه.
__________________
(١) ينظر : الجامع لأحكام القرآن ١٨ / ٩٩.
(٢) الجامع لأحكام القرآن (١٨ / ٩٩).
(٣) ينظر : الكشاف ٤ / ٥٥٢.
(٤) ينظر : الجامع لأحكام القرآن ١٨ / ٩٩.