والأمر هنا الوحي في قول مقاتل وغيره ، وعلى هذا يكون «بينهنّ» إشارة إلى بين هذه الأرض العليا التي هي أدناها ، وبين السابعة التي هي أعلاها.
وقيل : الأمر هنا القضاء والقدر ، وهو قول الأكثرين ، فعلى هذا يكون المراد بقوله تعالى : (بَيْنَهُنَ) إشارة إلى ما بين الأرض السّفلى التي هي أقصاها وبين السماء السابعة التي هي أعلاها.
وقيل : (يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَ) بحياة بعض ، وموت بعض ، وغنى قوم ، وفقر قوم.
وقيل : ما يدبّر فيهن من عجيب تدبيره ، فينزل المطر ، ويخرج النبات ، ويأتي بالليل والنهار والصيف والشتاء ، ويخلق الحيوانات على اختلاف أنواعها وهيئاتها فينقلهم من حال إلى حال.
قال ابن كيسان : وهذا على اتساع اللغة ، كما يقال للموت : أمر الله ، وللريح والسّحاب ونحوهما.
قال قتادة : في كل أرض من أرضه ، وسماء من سمائه خلق من خلقه ، وأمر من أمره وقضاء من قضائه (١).
(لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ، أي : من قدر على هذا الملك العظيم ، فهو على ما بينهما من خلقه أقدر من العفو ، والانتقام أمكن ، وإن استوى كل ذلك في مقدوره ومكنته ، (وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً) ، فلا يخرج شيء عن علمه وقدرته.
ونصب «علما» على المصدر المؤكد ؛ لأن «أحاط» بمعنى «علم».
وقيل : بمعنى : وأن الله أحاط إحاطة.
روى الثعلبيّ عن أبيّ بن كعب قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من قرأ سورة (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ) مات على سنّة رسول الله صلىاللهعليهوسلم» (٢).
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ١٤٥) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٣٦٣) وعزاه إلى عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة.
(٢) تقدم تخريجه.