وقال ابن عبّاس : أراد بذلك المرأة التي وهبت نفسها للنبي صلىاللهعليهوسلم فلم يقبلها ، والمرأة أم شريك ، قاله عكرمة (١).
وقيل : إن التي حرّم مارية القبطية ، وكان قد أهداها له المقوقس ملك «الإسكندرية».
قال ابن إسحاق : هي من كورة «أنصنا» من بلد يقال له : «حفن» ، فواقعها في بيت حفصة.
روى الدار قطني عن ابن عباس عن عمر رضي الله عنهم قال : دخل رسول الله صلىاللهعليهوسلم بأم ولده ، مارية في بيت حفصة ، فوجدته حفصة معها ، فقالت له : تدخلها بيتي؟ ما صنعت بي هذا من بين نسائك إلا من هواني عليك ، فقال لها : لا تذكري هذا لعائشة ، فهي عليّ حرام إن قربتها ، قالت حفصة : فكيف تحرم عليك وهي جاريتك؟ فحلف لها ألا يقربها ، فقال النبيصلىاللهعليهوسلم : «لا تذكريه لأحد» (٢) ، فذكرته لعائشة ، فآلى لا يدخل على نسائه شهرا ، فاعتزلهن تسعا وعشرين ليلة ، فأنزل الله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ) الآية (٣).
قال القرطبي (٤) : أصح هذه الأقوال أولها ، وأضعفها أوسطها.
قال ابن العربي (٥) : «أما ضعفه في السند ، فلعدم عدالة رواته ، وأما ضعفه في معناه فلأن رد النبي صلىاللهعليهوسلم الموهوبة ليس تحريما لها ؛ لأن من رد ما وهب له لم يحرم عليه ، إنما حقيقة التحريم بعد التحليل ، وأما ما روي أنه حرم مارية القبطية ، فهو أمثل في السند ، وأقرب إلى المعنى ، لكنه لم يدون في الصحيح بل روي مرسلا ، وإنما الصحيح أنه كان في العسل ، وأنه شربه عند زينب ، وتظاهرت عليه عائشة وحفصة ، فحلف أن لا يشربه ، وأسر ذلك ، ونزلت الآية في الجميع».
__________________
(١) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٣٦٩) وعزاه إلى ابن أبي حاتم وابن مردويه وقال : بسند ضعيف.
(٢) في أ : لعائشة.
(٣) أخرجه الدار قطني (٤ / ٤١ ـ ٤٢) عن ابن عباس عن عمر به قال شمس الحق آبادي في «التعليق المغني (٤ / ٤١) : الحديث أخرجه الهيثم بن كليب في مسنده ثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي ثنا مسلم بن إبراهيم ثنا جرير بن حازم، عن أيوب عن نافع عن ابن عمر عن عمر نحوه ، قال ابن كثير : وهذا إسناد صحيح ، وقد اختاره الحافظ الضياء المقدسي في كتابه : المستخرج ، وقال الحافظ في فتح الباري : وأخرج الضياء في المختارة من مسند الهيثم بن كليب ، ثم من طريق جرير بن حازم عن أيوب عن نافع عن ابن عمر عن عمر قال قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لحفصة : لا تخبري أحدا أن أم إبراهيم عليّ حرام.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٣٦٧) وعزاه إلى ابن مردويه عن ابن عباس.
(٤) ينظر : الجامع لأحكام القرآن ١٨ / ١١٨.
(٥) ينظر : أحكام القرآن ٤ / ١٨٤٥.