وقال مقاتل : يعني أخبرها ببعض ما قالت لعائشة ، وهو قول حفصة لعائشة : إن أبا بكر وعمر سيملكان بعده (١).
قال المفسرون : إن النبي صلىاللهعليهوسلم جازى حفصة ، بأن طلقها طلقة واحدة ، فلما بلغ ذلك عمر ، فقال عمر : لو كان في آل الخطاب خير لما كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم طلقك ، فأمره جبريل بمراجعتها ، وشفع فيها ، واعتزل النبي صلىاللهعليهوسلم نساءه شهرا ، وقعد في مشربة مارية أم إبراهيم ، حتى نزلت آية التخيير كما تقدم.
وقيل : هم بطلاقها ، حتّى قال له جبريل : لا تطلقها ، فإنها صوّامة قوّامة ، وإنها من نسائك في الجنة ، فلم يطلقها.
قوله : (فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ) ، أي : أخبر حفصة بما أظهره الله عليه ، قالت : «من أنبأك هذا» يا رسول الله عني ، فظنت أن عائشة أخبرته ، فقال ـ عليهالسلام ـ : «نبّأني العليم الخبير» الذي لا يخفى عليه شيء.
وقيل : إن النبي صلىاللهعليهوسلم لما رأى الكراهية في وجه حفصة حين رأته مع مارية أراد أن يتراضاها فأسرّ إليها شيئين : تحريم الأمة على نفسه ، وتبشيرها بأن الخلافة بعده في أبي بكر وفي أبيها عمر ، فأخبرت حفصة بذلك عائشة ، وأطلع الله نبيه عليه فعرف حفصة ، وأخبرها بما أخبرت به عائشة ، وهو تحريم الأمة (وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ) يعني عن ذكر الخلافة ، كره رسول اللهصلىاللهعليهوسلم أن ينشر ذلك بين الناس ، (فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ) أي : أخبر حفصة بما أظهره الله عليه ، قالت حفصة : (مَنْ أَنْبَأَكَ هذا) أي : من أخبرك بأني أفشيت السّرّ؟ «قال : نبّأني العليم الخبير».
قال ابن الخطيب (٢) : وصفه بكونه خبيرا بعدما وصفه بكونه عليما لما أن في الخبير من المبالغة ما ليس في العليم.
قوله : (إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ).
شرط في جوابه وجهان :
أحدهما : هو قوله : (فَقَدْ صَغَتْ).
والمعنى : إن تتوبا فقد وجد منكما ما يوجب التّوبة ، وهو ميل قلوبكما عن الواجب في مخالصة رسول الله صلىاللهعليهوسلم في حب ما يحبه ، وكراهة ما يكرهه.
و «صغت» مالت وزاغت عن الحق.
ويدل له (٣) قراءة ابن مسعود : «فقد زاغت».
__________________
(١) ينظر تفسير القرطبي (١٨ / ١٢٣).
(٢) ينظر الفخر الرازي ٣٠ / ٣٩.
(٣) ينظر : الكشاف ٤ / ٥٦٦ ، والمحرر الوجيز ٥ / ٣٣١ ، والبحر المحيط ٨ / ٢٨٦ ، والدر المصون ٦ / ٣٣٥.