وخامسها : أن الشياطين مخلوقون من النار ، والنار لا تحرق النار ، بل تقويها.
وسادسها : إن كان هذا القذف لأجل النبوة فلم بقي بعدها؟.
وسابعها : أن هذه الرجوم إنما تحدث بالقرب من الأرض ، لأنا نشاهدها بالعين ، ومع البعد لا نشاهدها كما لا نشاهد حركات الكواكب.
وثامنها : إن كانت الشياطين ينقلون أخبار الملائكة عن المغيبات إلى الكهنة ، فلم لا ينقلون أسرار المؤمنين إلى الكفار ، حتى يتوصل الكفار بذلك إلى إلحاق الضرر بالمؤمنين؟.
وتاسعها : لم لم يمنعهم الله ابتداء من الصعود إلى السماء؟.
والجواب عن الأول : أنا لا ننكر أن هذه الشّهب كانت موجودة قبل مبعث النبي صلىاللهعليهوسلم.
وعن الثاني : أنه إذا جاء القدر عمي البصر ، فإذا قضى الله على طائفة منها بالحرق لطغيانها قيّض الله لها من الدواعي ما يقدمها على العمل المفضي إلى هلاكها.
وعن الثالث : أن نمنع كون ثخن الفلك ما ذكروه ، بأن البعد بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام.
وعن الرابع : ما روى الزهري عن علي بن الحسين ، عن علي بن أبي طالب قال : بينما النبي صلىاللهعليهوسلم جالسا في نفر من أصحابه ، إذ رمي بنجم فاستنار ، فقال : ما كنتم تقولون في الجاهليّة إذا حدث؟ قال : كنا نقول : يولد عظيم أو يموت عظيم فقال النبيصلىاللهعليهوسلم : «فإنّها لا ترمى لموت أحد ، ولا لحياته ، ولكنّ الله ـ تعالى ـ إذا قضى الأمر في السّماء سبّحت حملة العرش ، ثمّ يسبّح أهل كلّ سماء ، وتسبّح كل سماء ، حتى ينتهي التّسبيح إلى هذه السّماء ، ويستخبر أهل السّماء حملة العرش ماذا قال ربّكم؟ فيخبرونهم ، ولا يزال ينتهي ذلك الخبر من سماء إلى أن ينتهي الخبر إلى هذه السّماء فتخطفه الجنّ فيرمون ، فما جاءوا به فهو حقّ ، ولكنّهم يزيدون فيه» (١).
وعن الخامس : أنّ نار النجوم (٢) قد تكون أقوى من نار الجن.
وعن السادس : أنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ أخبر ببطلان الكهانة ، فلو لم ينقطعوا لعادت الكهانة ، وذلك يقدح في خبر الرسول عليه الصلاة والسلام.
وعن السابع : أن البعد غير مانع من السماء عندنا.
وعن الثامن : لعله تعالى أقدرهم على استماع الغيوب عن الملائكة ، وأعجزهم عن إيصال أسرار المؤمنين إلى الكافرين.
__________________
(١) أخرجه أحمد (١ / ٢١٨) والبيهقي (٨ / ١٣٨) عن ابي عباس.
(٢) في أ : الرجوم.