يقال : ساء الشيء يسوء ، فهو مسيء إذا قبح ، وساء يساء إذا قبح ، وهو فعل لازم ومتعدّ ومعنى (سِيئَتْ وُجُوهُ) ، أي : قبحت ، بان عليها الكآبة ، وغشيها الكسوف والقترة وكلحوا.
قال الزجاج (١) : تبين فيها السوء ، أي : ساءهم ذلك العذاب وظهر على وجوههم سمة
تدل على كفرهم ، كقوله تعالى (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ) [آل عمران : ١٠٦].
قوله : (وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ) ، أي : قال لهم الخزنة.
قال الفراء : «تفتعلون» من الدعاء. وهو قول أكثر العلماء ، أي : تتمنون ، وتسألون.
وقال ابن عباس : تكذبون (٢) ، وتأويله : هذا الذي كنتم من أجله تدعون الأباطيل والأحاديث قاله الزجاج (٣).
وقرأ العامة : بتشديد الدال مفتوحة.
فقيل : من الدعوى ، أي : تدعون أنه لا جنة ولا نار ، قاله الحسن.
وقيل : من الدعاء ، أي : تطلبونه وتستعجلونه.
وقرأ الحسن وقتادة وأبو رجاء (٤) والضحاك ، ويعقوب وأبو زيد وأبو بكر وابن أبي عبلة ونافع في رواية الأصمعي : بسكون الدال ، وهي مؤيدة للقول بأنها من الدعاء في قراءة العامة.
وقال قتادة : هو قولهم : (رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا)(٥) [ص : ١٦].
وقال الضحاك : هو قولهم : (إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ) [الأنفال : ٣٢] الآية.
وقال النحاس : تدّعون ، وتدعون ، بمعنى واحد ، كما يقال : قدر واقتدر ، وعدى واعتدى إلا أن في «افتعل» معنى شيء بعد شيء ، و «فعل» يصح للقليل والكثير.
قوله : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللهُ). أي : قل لهم يا محمد ، يعني مشركي مكة وكانوا يتمنون موت محمد صلىاللهعليهوسلم كما قال : (أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ) [الطور : ٣٠] أرأيتم إن متنا ، أو رحمنا ، فأخرت آجالنا ، يعني أنا ومن معي من المؤمنين فمن يجيركم من عذاب الله؟ فلا حاجة لكم إلى التربص بنا ولا إلى استعجال قيام الساعة.
وأسكن الياء في «أهلكني» (٦) ابن محيصن والمسيبي وشيبة والأعمش وحمزة وفتحها الباقون.
__________________
(١) ينظر : معاني القرآن للزجاج ٥ / ٢٠١.
(٢) ينظر القرطبي (١٨ / ١٤٤).
(٣) ينظر : معاني القرآن للزجاج ٥ / ٢٠١.
(٤) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٣٤٣ ، والبحر المحيط ٨ / ٢٩٨ ، والدر المصون ٦ / ٣٤٨.
(٥) ينظر : القرطبي (١٨ / ١٤٤).
(٦) ينظر : السبعة ٦٤٥ ، والحجة ٦ / ٣٠٨ ، وإعراب القراءات ٢ / ٣٨٠ ، والعنوان ١٩٤ ، وشرح الطيبة ٦ / ٦٤ ، وإتحاف ٢ / ٥٥٢ ، والقرطبي ١٨ / ١٤٤.