أي : لا يقطع ، يصف كلابا ضارية ، ونظيره قوله تعالى (غَيْرَ مَجْذُوذٍ) [هود : ١٠٨] ، وقال مجاهد ومقاتل والكلبي : (غَيْرَ مَمْنُونٍ)(١) أي : غير محسوب عليك ، قالت المعتزلة (٢) : لأنك تستوجبه على [عملك](٣) ، وجوابهم : إن حملهم على هذا يقتضي التكرار ، لأن قوله «أجرا» يفيده ، وقال الحسن : غير مكدر بالمن.
وقال الضحاك : أجرا بغير عمل (٤) ، واختلفوا في هذا الأجر على أي شيء حصل؟ فقيل : معناه إن لك على احتمال هذا الطعن ، والقول القبيح أجرا عظيما دائما.
وقيل : إن لك في إظهار النبوة ، والمعجزات في دعاء الخلق إلى الله تعالى وفي بيان الشرع لهم هذا الأجر الخالص الدائم فلا يمنعك نسبتهم إياك إلى الجنون عن الاشتغال بهذا المهم العظيم فإن لك بسببه المنزلة العالية.
الصفة الثالثة : قوله : (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ).
قال ابن عباس ومجاهد : «على خلق» على دين عظيم من الأديان ، ليس دين أحب إلى الله ، ولا أرضى عنده منه (٥).
وروى مسلم عن عائشة : أن خلقه كان القرآن (٦).
وقال علي ـ رضي الله عنه ـ : هو أدب القرآن (٧).
وقيل : رفقه بأمته ، وإكرامه إياهم.
وقال قتادة : هو ما كان يأتمر به من أمر الله ، وينتهي عنه مما نهى الله عنه (٨).
وقيل : إنّك على طبع كريم.
وقال الماوردي (٩) : حقيقة الخلق في اللّغة ما يأخذ به الإنسان في نفسه من الأدب
__________________
ـ ينظر : ديوانه (٣٠٨) ، والخصائص ١ / ٢٩٧ ، والقرطبي ١٨ / ١٤٨ ، والبحر ٨ / ٣٠٣ ، واللسان (قهد) ، (منن) ، ومحاضرات الراغب ٢ / ٢٩٤ ، والحيوان ٣ / ١٦٢ ، والرازي ٣٠ / ٧١ ، ومجمع البيان ١٠ / ٧٠٢.
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ١٧٩) عن مجاهد وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٣٨٩) وعزاه إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٢) ينظر الفخر الرازي ٣٠ / ٧١.
(٣) في أ : ذلك.
(٤) ذكره الماوردي (٦ / ٦١) والقرطبي (١٨ / ١٤٨).
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ١٧٩) عن ابن عباس ومجاهد وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٣٩٠) عن ابن عباس وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه.
(٦) تقدم.
(٧) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٣٩٠) عن عطية العوفي وعزاه إلى ابن المبارك وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في «الدلائل».
وقد أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ١٨٠).
(٨) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٨ / ١٤٨).
(٩) ينظر النكت والعيوب ٦ / ٦١.