وقوله (بَعْدَ ذلِكَ) أي مع ذلك ، يريد ما وصفناه به «زنيم» وتقدم معنى الزنيم. وعن ابن عباس : أنه رجل من قريش كانت له زنمة كزنمة الشاة (١).
وروى عنه ابن جبير : أنه الذي يعرف بالشر ، كما تعرف الشاة بزنمتها (٢).
وقال عكرمة : هو الذي يعرف بلؤمه ، كما تعرف الشاة بزنمتها (٣).
وقيل : إنه الذي يعرف بالأبنة ، وهو مروي عن ابن عباس ، وعنه : إنه الظلوم.
وقال مجاهد : «زنيم» كانت له ستة أصابع في يده في كل إبهام له أصبع زائدة (٤).
وعنه أيضا وسعيد بن المسيب وعكرمة : هو ولد الزنا الملحق في النسب بالقوم (٥).
وكان الوليد دعيا في قريش ليس من سنخهم ، ادعاه أبوه بعد ثماني عشرة من مولده.
قال الشاعر : [الوافر]
٤٨١٦ ـ زنيم ليس يعرف من أبوه |
|
بغيّ الأمّ ذو حسب لئيم (٦) |
قيل : بغت أمه ولم يعرف حتى نزلت الآية ، وهذا لأن الغالب أن المنطقة إذا خبثت خبث الولد ، كما روي أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «لا يدخل الجنّة ولد زنا ، ولا ولد ولده» (٧).
وقال عبد الله بن عمر : إن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إنّ أولاد الزّنا يحشرون يوم القيامة في صورة القردة والخنازير» (٨).
وقالت ميمونة : سمعت النبي صلىاللهعليهوسلم يقول : «لا تزال أمّتي بخير ، ما لم يفش فيهم ولد الزّنا ، فإذا فشى فيهم ولد الزّنا أوشك أن يعمّهم الله بعذاب» (٩).
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ١٨٦) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٣٩٣) وزاد نسبته إلى ابن مردويه.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ١٨٦).
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ١٨٨).
(٤) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٨ / ١٥٣) عن مجاهد.
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ١٨٦) عن سعيد بن المسيب.
(٦) ينظر القرطبي (١٨ / ١٥٣) والدر المنثور ٦ / ٣٩٢.
(٧) أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (٨ / ٢٤٩) من حديث أبي هريرة وذكره الشيخ علي القاري في «الأسرار المرفوعة» (ص ٢٦٨) وقال : زعم ابن طاهر وابن الجوزي أن هذا الحديث موضوع لكن رواه أبو نعيم في «الحلية» عن مجاهد عن أبي هريرة مرفوعا وأعله الدارقطني بأن مجاهدا لم يسمعه من أبي هريرة.
(٨) ذكره الشوكاني في «الفوائد المجموعة» (ص ٢٠٤) وقال : موضوع.
(٩) أخرجه أحمد (٦ / ٣٣٣) من حديث ميمونة.
وأخرجه أيضا أبو يعلى (١٣ / ٦) رقم (٧٠٩١) والطبراني في «الكبير» (٢٤ / ٢٣) رقم (٥٥).
والحديث ذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (٦ / ٢٦٠) وقال : رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني ... وفيه محمد بن عبد الرحمن بن لبيبة وثقه ابن حيان وضعفه ابن معين ومحمد بن إسحاق قد صرح بالسماع فالحديث صحيح أو حسن.