وقرأ النخعيّ (١) : «طيف».
قوله (مِنْ رَبِّكَ). يجوز أن يتعلق ب «طاف» وأن يتعلق بمحذوف صفة ل «طائف».
قوله : (فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ). والصرام : جذاذ النخل ، وأصل المادة الدلالة على القطع ، ومنه الصّرم ، والصّرم ـ بالضم والفتح ـ وهو القطيعة ؛ قال امرؤ القيس : [الطويل]
٤٨٢١ ـ أفاطم مهلا بعض هذا التدلّل |
|
وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي (٢) |
ومنه الصريمة ، وهي قطعة منصرمة عن الرمل لا تنبت شيئا ؛ قال : [البسيط]
٤٨٢٢ ـ وبالصّريمة منهم منزل خلق |
|
عاف تغيّر ، إلّا النّؤي والوتد (٣) |
والصارم : القاطع الماضي ، وناقة مصرمة : انقطع لبنها ، وانصرم الشهر والسنة ، أي : قرب انفصالهما ، وأصرم زيد : ساءت حاله ، كأنه انقطع سعده.
فقوله «كالصّريم». قيل : هي الأشجار المنصرم حملها.
وقال ابن عباس : كالليل ؛ لأنه يقال له : الصريم ، لسواده (٤) ، والصريم أيضا : النهار وقيل : الصّبح ؛ لأنه انصرم من الليلة ، قاله الأخفش. فهو من الأضداد.
وقال شمر : الصريم الليل ، والصريم النهار.
وقيل : الصريم : رملة معروفة باليمن لا تنبت شيئا.
وقال الثوريّ : كالزرع المحصود ، فالصريم بمعنى المصروم ، أي : المقطوع ما فيه.
وقال الحسن : صرم عنها الخير ، أي : قطع (٥) ، فالصريم مفعول أيضا.
وقال المؤرج : أي : كالرملة انصرمت من معظم الرمل ، يقال : صريمة وصرائم ، فالرملة لا تنبت شيئا ينتفع به.
وقيل : سمي الليل صريما ؛ لأنه يقطع بظلمته عن التصرف ، ولهذا يكون «فعيل» بمعنى «فاعل».
__________________
(١) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٣٠٦ ، والدر المصون ٦ / ٣٥٥.
(٢) ينظر ديوانه (١٢) والجنى الداني ص ٣٥ ، وخزانة الأدب ١١ / ٢٢٢ ، والدر ٣ / ١٦ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٢٠ ، والمقاصد ٤ / ٢٨٩ وأوضح المسالك ٤ / ٦٧ ، ورصف المباني ص ٥٢ ، وشرح الأشموني ٢ / ٤٦٧ ، ومغني اللبيب ١ / ١٣ ، وهمع الهوامع ١ / ١١٢.
(٣) تقدم.
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ١٩٠) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٣٩٤) وزاد نسبته إلى عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٥) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٨ / ١٥٧) عن الحسن.