وكان الطائف الذي طاف عليها جبريل ـ عليه الصلاة والسلام ـ فاقتلعها.
فقيل : إنه طاف بها حول البيت ثم وضعها حيث مدينة الطائف اليوم ، ولذلك سميت الطائف ، وليس في أرض الحجاز بلدة فيها الماء ، والشجر [والزرع] والأعناب غيرها.
وقال البكريّ في المعجم (١) : سميت الطائف ، لأن رجلا من العرب يقال له : الدّمون ، بنى حائطا ، وقال : إني قد بنيت لكم حائطا حول بلدكم ، فسميت الطائف. والله أعلم.
قوله (إِذْ أَقْسَمُوا) ، أي : حلفوا فيما بينهم (لَيَصْرِمُنَّها) أي : ليجذّنها «مصبحين» أي : وقت الصباح قبل أن يخرج المساكين (وَلا يَسْتَثْنُونَ) ، أي : لم يقولوا : إن شاء الله.
قوله : «مصبحين» حال من فاعل (لَيَصْرِمُنَّها) وهو من «أصبح» التامة ، أي داخلين في الصباح ، كقوله تعالى : (وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ) [الصافات : ١٣٧] وقوله : إذا سمعت بسرى القين فاعلم بأنه مصبح والكاف في «كما» في موضع نصب نعتا لمصدر محذوف ، أي : بلوناهم ابتلاء كما بلونا ، و «ما» مصدرية ، أو بمعنى «الذي» و «إذا» منصوبة ب «بلونا» و (لَيَصْرِمُنَّها) جواب للقسم ، وجاء على خلاف منطوقهم ، ولو جاء لقيل : «لنصرمنها» بنون المتكلم.
قوله : (وَلا يَسْتَثْنُونَ).
هذه مستأنفة ، ويضعف كونها حالا من حيث إن المضارع المنفي ب «لا» كالمثبت في عدم دخول الواو عليه وإضمار مبتدأ قبله ، كقولهم : «قمت وأصك عينه» مستغنى عنه.
ومعنى : (لا يَسْتَثْنُونَ) لا يستثنون للمساكين من جملة ذلك القدر الذي كان يدفعه أبوهم للمساكين ، من الثني ، وهو الكف والرد ؛ لأنّ الحالف إذا قال : والله لأفعلن كذا إلا أن يشاء الله غيره فقد رد انعقاد تلك اليمين.
وقيل : المعنى : لا يسثنون عزمهم عن الحرمات.
وقيل : لا يقولون : إن شاء الله.
قال الزمخشريّ : وسمي استثناء وهو شرط ؛ لأن معنى : لأخرجن إن شاء الله ، ولا أخرج إلا أن يشاء الله واحد.
قوله (فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ). أي هلاك ، أو بلاء طائف ، والطائف غلب في الشر.
قال الفراء : هو الأمر الذي يأتي ليلا.
ورد عليه بقوله (إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ) [الأعراف : ٢٠١] وذلك لا يختص بليل ، ولا نهار.
__________________
(١) ينظر : معجم ما استعجم ١ / ٦٧.